لعل الأحاديث الكثيرة الدالة على فضل صلة الرحم ومكانتها تعبر عن ما لهذه الفضيلة من آثار عظيمة منها: أنها سبب لدخول الجنة، ودليل وأمارة على كمال الإيمان بالله تعالى، وأصل في توسعة الرزق وطول العمر وطيب الذكر بعد الموت، وهي…

(مقتطف من المقال)

إعداد/ فريق التحرير

صلة الرحم

أرجح الأقوال في الأرحام أنهم الوالدان ووالديهم وإن علو والأولاد وأولادهم وإن نزلوا، والإخوة وأولادهم والأخوات وأولادهن، والأعمام والعمات والأخوال والخالات.

تُعدّ صلة الرحم من الواجبات الاجتماعية التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بالحفاظ عليها، وجعل أجر واصلها عظيماً عنده. وصف الله سبحانه وتعالى قاطع الرحم بصفاتٍ سلبيةٍ كثيرة؛ وذلك لأن صلة الرحم دليلٌ على إيمان الفرد، واتّباعه لسنة الرسول عليه الصلاة والسلام.

ولقد دعت آيات القرآن الكريم، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم إلى صلة الرحم، ورغبت فيها أعظم الترغيب، وكان الترغيب دينياً ودنيوياً، ولا شك أن المجتمع الذي يحرص أفراده على التواصل والتراحم يكون حصناً منيعاً، وقلعـة صامدة، وينشأ عن ذلك أسر متماسكة، وبناء اجتماعيا متينا يمد العـالم بالقادة والموجهين والمفكرين والمعلمين والدعـاة والمصلحين الذين يحملون مشاعل الهداية ومصابيـح النور إلى أبناء أمتهم، وإلى الناس أجمعين.

الحث على صلة الرحم في كتاب الله تعالى والتحذير من قطعها:

*قال تعالى: “وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ” (الرعد:21).

*قال تعالى: “فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ” (محمد:22-23).

*قال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً” (النساء:1).

دعوة النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين للمحافظة على صلة الرحم وبيان قدرها:

*عن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرَّحمُ معلَّقةٌ بالعرش تقولُ: مَن وصلني وصله اللهُ، ومَن قطعني قطعه اللهُ) (رواه مسلم).

*عن نفيع بن الحارث الثقفي أبي بكرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من ذنبٍ أجدرُ أن يعجِّلَ اللَّه لصاحبه العُقوبةَ في الدُّنيا مع ما يدَّخر له في الآخرة -من البغيِ، وقطيعةِ الرَّحم)؛ (الترمذي)، وصححه الألباني.

*عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله خلَق الخلْقَ، حتى إذا فرغ من خلقِه قالتِ الرَّحِمُ: هذا مقامُ العائذ بك من القطيعة، قال: نعَم، أمَا تَرضَيْنَ أن أصِل مَن وصلَكِ، وأقطعَ مَن قطعَكِ؟ قالت: بلى يا ربِّ، قال: فهو لكِ)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: (فاقرؤوا إن شِئتُمْ: “فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُم” (محمد: 22)؛ (البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري).

*عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فليُكرِم ضيفَه، ومن كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فليصِل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت)؛ (البخاري.

* عن عبدالله بن سلَام رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أيُّها النَّاس، أفشُوا السَّلام، وأطعِموا الطَّعام، وصِلوا الأرحامَ، وصَلُّوا باللَّيل والنَّاسُ نيام، تدخلوا الجنَّةَ بسَلام)؛ (ابن ماجه، وصححه الألباني).

*عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن سرَّه أن يُبسَط له في رزقه، وأن يُنسأ له في أثرِه، فليَصِل رَحِمَه).

ولعل الأحاديث الكثيرة الدالة على فضل صلة الرحم ومكانتها تعبر عن ما لهذه الفضيلة من آثار عظيمة منها: أنها سبب لدخول الجنة، ودليل وأمارة على كمال الإيمان بالله تعالى، وأصل في توسعة الرزق وطول العمر وطيب الذكر بعد الموت، وهي حبل صلة بالله عز وجل.. إلى غير ذلك من الآثار الطيبة الجليلة.

مَن الأرحام الذين تجب صلتهم؟

اختلف العلماء في الأرحام الذين تجب صلتهم، فقيل هم المحارم الذين تكون بينهم قرابة بحيث لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى لم يحل له نكاح الآخر وعلى هذا القول فالأرحام هم الوالدان ووالديهم وإن علو والأولاد وأولادهم وإن نزلوا، والإخوة وأولادهم والأخوات وأولادهن، والأعمام والعمات والأخوال والخالات.

كيف تكون صلة الرحم؟

1- الزيارة: بأن تذهب إليهم في أماكنهم.

2- الاستضافة: بأن تستضيفهم عندك في مكانك.

3- تفقدهم والسؤال عنهم والسلام عليهم: تسأل عن أحوالهم سواء سألتهم عن طريق الهاتف أو بلغت سلامك وسؤالك من ينقله إليهم، أو أرسلت ذلك عن طريق رسالة.

4- إعطاؤهم من مالك سواء كان هذا الإعطاء صدقة إذا كان الموصول محتاجاً أو هدية إن لم يكن محتاجاً، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة) رواه النسائي واللفظ له والترمذي وحسنه.

5- توقير كبيرهم ورحمة ضعيفهم.

6- إنزالهم منازلهم التي يستحقونها وإعلاء شأنهم.

7- مشاركتهم في أفراحهم بتهنئتهم ومواساتهم في أحزانهم بتعزيتهم، فمثلاً هذا تزوج أو رزق بمولود أو توظف أو غير ذلك تشاركه الفرحة بهدية أو مقابلة تظهر فيها الفرح والسرور بفرحة أو مكالمة تضمنها تبريكاتك وإظهار فرحك بما رزقوا، فإن مات لهم أحد أو أصيبوا بمصيبة تواسيهم وتحاول أن تخفف عنهم وتذكرهم بالصبر والأجر للصابرين، وتظهر لهم حزنك لما أصابهم.

8- عيادة مرضاهم.

9- إتباع جنائزهم.

10- إجابة دعوتهم، إذا وجهوا لك الدعوة فلا تتخلف إلا لعذر.

11- سلامة الصدر نحوهم.

 12- إصلاح ذات البين بينهم، فإذا علمت بفساد علاقة بعضهم ببعض بادرت بالإصلاح وتقريب وجهات النظر ومحاولة إعادة العلاقة بينهم .

13- الدعاء لهم، وهذا يملكه كل أحد ويحتاجه كل أحد.

14- دعوتهم إلى الهدى وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر بالأسلوب المناسب.

قطع الأرحام

إن الإساءة إلى الأرحام، أو التهرب من أداء حقوقهم صفة من صفات الخاسرين الذين قطعوا ما أمر الله به أن يوصل بل إن ذلك جريمة وكبيرة من كبائر الذنوب.

وإن الإنسان منا ليسوؤه أشد الإساءة ما يراه بعيـنه أو يسمعه بأذنيه من قطيـعة لأقرب الأرحام الذين فُطر الإنسان على حبهم وبرهم وإكرامهم، حتى أصبح من الأمور المعتادة أن نسمع أن أحد الوالدين أضطر إلى اللجوء للمحكمة لينال حقه من النفقة أو يطلب حمايته من ابنه، هذا الذي كان سبب وجوده.

ولا يفعل مثل هذا الجرم إلا الإنسان الذي قسا قلبه وقلت مروءته وانعدم إحساسه بالمسؤولية.

قاطع الرحم ملعون في كتاب الله  

قال الله تعالى: “فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ” (محمد:22-23). قال على بن الحسين لولده: يا بني لا تصحبن قاطع رحم فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله في ثلاثة مواطن.

قاطع الرحم من الفاسقين الخاسرين  

قال الله تعالى: “الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ” (البقرة:27).

فقد جعل الله من صفات الفاسقين الخاسرين الضالين قطع ما أمر الله به أن يوصل ومن ذلك صلة الأرحام.

قاطع الرحم تعجل له العقوبة في الدنيا

ولعذاب الأخرة أشد وأبقى…

عن أبي بكر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه بالعقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم). رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه .

وقد رأينا مصداق هذا في دنيا الواقع، فقاطع الرحم غالباً ما يكون تعباً قلقاً على الحياة، لا يبارك له في رزقه، منبوذاً بين الناس لا يستقر له وضع ولا يهدأ له بال.. وما أسوأ حال من يقطع الله.. ومن قطعه الله فمن ذا الذي يصله.

قاطع الرحم لا يدخل الجنة

في الحديث المتفق عليه عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة قاطع) رواه البخاري ومسلم.

قاطع الرحم لا يُقبل عمله

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم) رواه أحمد.

فاللهم اجعلنا ممن يصلون ما أمرت به أن يوصل.. ولا تحرمنا أجرك وفضلك يا أرحم الراحمين.

_________________________________________

المصادر:

-طريق الإسلام

https://bit.ly/2HtNLtr

-صيد الفوائد

https://saaid.net/rasael/252.htm

-إسلام ويب

http://articles.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=11159

-موضوع

https://bit.ly/2o3kYAb

[opic_orginalurl]

Similar Posts