النبي داود (داوود) بين المسيحية والإسلام

في حياة النبي داود عليه السلام في الكتاب المقدس ردود على كثير من الشبهات التي تلصق بالنبي محمد

إنه النبي داود أو داوود، أبو النبي سليمان، عليهما السلام. وهما من أنبياء بني إسرائيل. والنبي داود من الأنبياء الذين تتفق المسيحية والإسلام على تكريمهم والثناء عليهم، إلا أن في حياة النبي داود عليه السلام في الكتاب المقدس ردودا على كثير من الشبهات التي تلصق بالنبي محمد عليهما الصلاة والسلام.

لذا، تعالوا نتعرف على شخصية النبي داود في المسيحية والإسلام من واقع الكتاب المقدس والقرآن الكريم، مع مراعاة مطالعة قصة النبي سليمان عليه السلام لأنها جزء لا يتجزأ من قصة النبي داود عليه السلام.

النبي داود في المسيحية

في الكتاب المقدس، تكرم المسيحية النبي داود وتثني عليه. فعلى سبيل المثال، يوصف النبي داود في العهد القديم بأنه مفلح في جميع طرقه وأن الرب كان معه. فنحن نقرأ: وَكَانَ دَاوُدُ مُفْلِحًا فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ وَالرَّبُّ مَعَهُ. (صموئيل الأول 14:18)

ويذكر الكتاب المقدس أن الرب كان يخلص داود حيثما توجه. فنحن نقرأ: “وَجَعَلَ دَاوُدُ مُحَافِظِينَ فِي أَرَامِ دِمَشْقَ، وَصَارَ الأَرَامِيُّونَ لِدَاوُدَ عَبِيدًا يُقَدِّمُونَ هَدَايَا. وَكَانَ الرَّبُّ يُخَلِّصُ دَاوُدَ حَيْثُمَا تَوَجَّهَ“. (صموئيل الثاني 6:8)

ويخبرنا الكتاب المقدس أن النبي داود كان عادلا في قضائه لكل شعبه. فنحن نقرأ: “وَمَلَكَ دَاوُدُ عَلَى جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ. وَكَانَ دَاوُدُ يُجْرِي قَضَاءً وَعَدْلاً لِكُلِّ شَعْبِهِ”. (صموئيل الثاني 15:8)

النبي داوود في الإسلام

يكرم الإسلام النبي داود ويثني عليه. فيخبرنا القرآن الكريم أن الله تعالى قد آتاه ملكا وحكمة وعلما. فنحن نقرأ:

وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ (البقرة 251:2)

ويوصف النبي داود في القرآن بأنه “أواب” وأنه قد أوتي الحكمة وفصل الخطاب. فنحن نقرأ:

اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ. إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ. وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ. وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآَتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (ص 17:38-20)

ويخبرنا القرآن الكريم أن الله قد فضل النبي داود بأن خصه بأحد كتبه وهو “الزبور”. فنحن نقرأ:

وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (الإسراء 55:17)

كما يخبرنا القرآن الكريم أن الله فضل النبي داود بتأويب الجبال والطير وإلانة الحديد. فنحن نقرأ:

وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ. أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (سبأ 10:34-11)

ولذلك، يخبرنا القرآن الكريم أن الله جعل داود خليفة في الأرض في زمنه. فنحن نقرأ:

يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (ص 26:38)

التعليق

على الرغم مما ذكر من تكريم الكتاب المقدس للنبي داود والثناء عليه، رسم الكتاب المقدس شخصية النبي داود بطريقة فيها رد على كثير من الشبهات التي تثار حول النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثل شبهات العنف والمرأة.

داود والعنف

فعلى سبيل المثال، بالنسبة للعنف، يخبرنا الكتاب المقدس أن داود عليه السلام قتل مائتي فلسطيني وقدم غلفهم مهرا لابنة الملك. فنحن نقرأ:

فَقَالَ شَاوُلُ: «هكَذَا تَقُولُونَ لِدَاوُدَ: لَيْسَتْ مَسَرَّةُ الْمَلِكِ بِالْمَهْرِ، بَلْ بِمِئَةِ غُلْفَةٍ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ لِلانْتِقَامِ مِنْ أَعْدَاءِ الْمَلِكِ». وَكَانَ شَاوُلُ يَتَفَكَّرُ أَنْ يُوقِعَ دَاوُدَ بِيَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. فَأَخْبَرَ عَبِيدُهُ دَاوُدَ بِهذَا الْكَلاَمِ، فَحَسُنَ الْكَلاَمُ فِي عَيْنَيْ دَاوُدَ أَنْ يُصَاهِرَ الْمَلِكَ. وَلَمْ تَكْمُلِ الأَيَّامُ حَتَّى قَامَ دَاوُدُ وَذَهَبَ هُوَ وَرِجَالُهُ وَقَتَلَ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ مِئَتَيْ رَجُل، وَأَتَى دَاوُدُ بِغُلَفِهِمْ فَأَكْمَلُوهَا لِلْمَلِكِ لِمُصَاهَرَةِ الْمَلِكِ. فَأَعْطَاهُ شَاوُلُ مِيكَالَ ابْنَتَهُ امْرَأَةً. (صموئيل الأول 25:18-27)

كما يخبرنا الكتاب المقدس أن النبي داود كان قتّالا للرجال والنساء على حد سواء. فلقد كان من عادته أن يضرب البلاد فلا يستبق رجلا ولا امرأة. فنحن نقرأ:

وَضَرَبَ دَاوُدُ الأَرْضَ، وَلَمْ يَسْتَبْقِ رَجُلاً وَلاَ امْرَأَةً، وَأَخَذَ غَنَمًا وَبَقَرًا وَحَمِيرًا وَجِمَالاً وَثِيَابًا وَرَجَعَ وَجَاءَ إِلَى أَخِيشَ. فَقَالَ أَخِيشُ: «إِذًا لَمْ تَغْزُوا الْيَوْمَ». فَقَالَ دَاوُدُ: «بَلَى. عَلَى جَنُوبِيِّ يَهُوذَا، وَجَنُوبِيِّ الْيَرْحَمِئِيلِيِّينَ، وَجَنُوبِيِّ الْقِينِيِّينَ». فَلَمْ يَسْتَبْقِ دَاوُدُ رَجُلاً وَلاَ امْرَأَةً حَتَّى يَأْتِيَ إِلَى جَتٍّ، إِذْ قَالَ: «لِئَلاَّ يُخْبِرُوا عَنَّا قَائِلِينَ: هكَذَا فَعَلَ دَاوُدُ». وَهكَذَا عَادَتُهُ كُلَّ أَيَّامِ إِقَامَتِهِ فِي بِلاَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. (صموئيل الأول 9:27-11)

داود والمرأة

وأما بالنسبة للمرأة، فيخبرنا الكتاب المقدس أن النبي داود اتخذ لنفسه عددا غير محدود من الزوجات والسراري على حد سواء. فنحن نقرأ: “وَأَخَذَ دَاوُدُ أَيْضًا سَرَارِيَ وَنِسَاءً مِنْ أُورُشَلِيمَ بَعْدَ مَجِيئِهِ مِنْ حَبْرُونَ، فَوُلِدَ أَيْضًا لِدَاوُدَ بَنُونَ وَبَنَاتٌ”. (صموئيل الثاني 13:5)

ولقد كان من أهم نساء النبي داود حسب الكتاب المقدس ميكال وأبيجايل وأخينوعم. وعنهم نقرأ في الكتاب المقدس:

ثُمَّ بَادَرَتْ وَقَامَتْ أَبِيجَايِلُ وَرَكِبَتِ الْحِمَارَ مَعَ خَمْسِ فَتَيَاتٍ لَهَا ذَاهِبَاتٍ وَرَاءَهَا، وَسَارَتْ وَرَاءَ رُسُلِ دَاوُدَ وَصَارَتْ لَهُ امْرَأَةً. ثُمَّ أَخَذَ دَاوُدُ أَخِينُوعَمَ مِنْ يَزْرَعِيلَ فَكَانَتَا لَهُ كِلْتَاهُمَا امْرَأَتَيْنِ. فَأَعْطَى شَاوُلُ مِيكَالَ ابْنَتَهُ امْرَأَةَ دَاوُدَ لِفَلْطِي بْنِ لاَيِشَ الَّذِي مِنْ جَلِّيمَ. (صموئيل الأول 42:25-44)

كما كان من زوجات النبي داود أيضا معكة بنت تلماي أم أبشالوم، وحجيث أم أدونيا، وأبيطال أم شفطيا، وعجلة أم يثرعام. وعنهم نقرأ في الكتاب المقدس:

“وَوُلِدَ لِدَاوُدَ بَنُونَ فِي حَبْرُونَ. وَكَانَ بِكْرُهُ أَمْنُونَ مِنْ أَخِينُوعَمَ الْيَزْرَعِيلِيَّةِ، وَثَانِيهِ كِيلآبَ مِنْ أَبِيجَايِلَ امْرَأَةِ نَابَالَ الْكَرْمَلِيِّ، وَالثَّالِثُ أَبْشَالُومَ ابْنَ مَعْكَةَ بِنْتِ تَلْمَايَ مَلِكِ جَشُورَ، وَالرَّابعُ أَدُونِيَّا ابْنَ حَجِّيثَ، وَالْخَامِسُ شَفَطْيَا ابْنَ أَبِيطَالَ، وَالسَّادِسُ يَثْرَعَامَ مِنْ عَجْلَةَ امْرَأَةِ دَاوُدَ. هؤُلاَءِ وُلِدُوا لِدَاوُدَ فِي حَبْرُونَ”. (صموئيل الثاني 2:3-5)

داود وامرأة أوريا الحثي

والأغرب من كل ذلك أن الكتاب المقدس يخبرنا أن النبي داود زنى ببثشبع بنت أليعام امرأة أوريا الحثي قبل أن يتسبب في قتل زوجها ويتزوجها. فنحن نقرأ:

وَكَانَ فِي وَقْتِ الْمَسَاءِ أَنَّ دَاوُدَ قَامَ عَنْ سَرِيرِهِ وَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ بَيْتِ الْمَلِكِ، فَرَأَى مِنْ عَلَى السَّطْحِ امْرَأَةً تَسْتَحِمُّ. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ الْمَنْظَرِ جِدًّا. فَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَسَأَلَ عَنِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ وَاحِدٌ: «أَلَيْسَتْ هذِهِ بَثْشَبَعَ بِنْتَ أَلِيعَامَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ؟». فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً وَأَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ، فَاضْطَجَعَ مَعَهَا وَهِيَ مُطَهَّرَةٌ مِنْ طَمْثِهَا. ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. وَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ، فَأَرْسَلَتْ وَأَخْبَرَتْ دَاوُدَ وَقَالَتْ: «إِنِّي حُبْلَى». (صموئيل الثاني 2:11-5)

وهكذا، إذا كان النبي داود في الكتاب المقدس قتّالا للرجال والنساء على حد سواء ومزواجا حتى أنه زنى بامرأة أوريا الحثي قبل أن يتسبب في قتل زوجها ويتزوجها، فلماذا يُرمى النبي محمد بالعنف وتعدد الزوجات بالرغم من أنه لم يقتل النساء ولم يقتل الرجال إلا بالحق ولم يزن ولكن تزوج وتسرى ولكن لم يتزوج ولم يتسر بنفس عدد النساء اللاتي تزوجهن وتسرى بهن النبي داود في الكتاب المقدس؟

انقر هنا لمطالعة قصة النبي سليمان لأنها جزء لا يتجزأ من قصة النبي داود!

_________

المراجع:

  1. القرآن الكريم
  2. الكتاب المقدس

_________

اقرأ أيضا:

1-النبي آدم عليه السلام

2-النبي إدريس عليه السلام

3-النبي نوح عليه السلام

4-النبي لوط عليه السلام

5-النبي إبراهيم عليه السلام

6-النبي شعيب عليه السلام

7-النبي إسماعيل عليه السلام

8-النبي إسحاق عليه السلام

9-النبي يعقوب عليه السلام

10-النبي يوسف عليه السلام

11-النبي أيوب عليه السلام

12-النبي يونس عليه السلام

13-النبي موسى عليه السلام

14-النبي هارون عليه السلام

15-النبي اليسع عليه السلام

16-النبي إلياس عليه السلام

18-النبي سليمان عليه السلام

19-النبي زكريا عليه السلام

20-النبي يحيى عليه السلام

21-النبي عيسى عليه السلام

22-النبي محمد صلى الله عليه وسلم

هل الأنبياء معصومون من الخطأ؟

[opic_orginalurl]

Similar Posts