القرآن الكريم.. كتاب الله تعالى.. دليلٌ يهدي الحيارى.. ونورٌ يضيء الظُلم.. ونبراس يشع على الكون بهجة وسلاما.. وبالرغم من كل ذلك.. استطاع الشيطان أن يتسلل لبعض الأنفس فأثار فيها الشبهات، وحول طمأنينة تأثير القرآن الكريم عليها لقلق واضطراب وتشكك…

مع كتاب الله تعالى في شهر رمضان.. نحلل الشبهات المختلفة، ونرصد القضايا المتعلقة به، ونقدم الأجوبة عليها…

الشبهة: يتهم بعض المتشككين كتاب الله تعالى بالتناقض واختلاف أحكامه وتضارب معانيه، وتكذيب بعضه بعضا.

جواب الشبهة:

 أولا. من تدبر القرآن علم أنه من عند الله عز وجل:

القرآن

معنى المتشابه هنا يراد به أن القرآن متماثل في النظم والبلاغة والهدف الذي يدعو إليه فلا تجد في أسلوبه اختلافا ولا في معانيه مناقضة، فهو يشبه بعضه بعضا في الحسن والحكمة.

يدعو القرآن الناس لأن يتدبروا كتاب الله عز وجل؛ ليعلموا حجة الله عليهم في طاعة النبي – صلى الله عليه وسلم – واتباع أمره، وأن الذي أتاهم به من التنزيل هو من عند ربهم لاتساق معانيه، وائتلاف أحكامه وتأييد بعضه بعضا بالتصديق، وشهادة بعضه لبعض بالتحقيق، فإن ذلك لو كان من عند غير الله لاختلفت أحكامه، وتناقضت معانيه، وأبان بعضه عن فساد بعض، ولكان فيه اختلاف كثير.

يقول قتادة -رحمة الله- في هذه الآية: قول الله لا يختلف وهو حق ليس فيه باطل، وقول الناس يختلف، ولذا قال سبحانه وتعالى: “أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا” (النساء:82)

وكل متدبر في القرآن بحق يعلم أنه من عند الله، ولو كان من عند غيره لوجدوا فيه اختلافا كثيرا؛ لعدم استطاعته أن يأتي بمثله في تصوير الحق بصورته كما هي لا يختلف ولا يتفاوت في شيء منها، لا في حكايته عن الماضي الذي لم يشهده محمد صلى الله عليه وسلم، ولا في إخباره عن الآتي في مسائل كثيرة وقعت كما أنبأ بها، ولا في بيانه لخفايا الحاضر حتى حديث النفس ومخبآت الضمائر.

ولعدم استطاعة محمد -صلى الله عليه وسلم- ولا غيره أن يأتي بمثله في بيان أصول العقائد وقواعد التشريع، وفلسفة الآداب والأخلاق، وسياسة الشعوب والأقوام، وفنون القول وألوان العبر في أنواع المخلوقات وسنن الاجتماع ونواميس العمران وضرب الأمثال، وتكرار القصة الواحدة بالعبارات البليغة، وفوق ذلك كله ما فيه من العلم الإلهي والخبر عن عالم الغيب والدار الآخرة، وما فيها من الحساب على الأعمال والجزاء الوفاق، وكون ذلك موافقا لفطرة الإنسان، فالالتئام بين آياته الكثيرة هو غاية الغايات عند من أوتي الحكمة وفصل الخطاب.

وهكذا تدبر القرآن وتأمل ما فيه يهدي صاحبه إلى كونه من عند الله عز وجل، وإلى وجوه الاهتداء بهداه.

ثانيا. جهل من زعم أن القرآن من عند غير الله:

أما ما جهله الناس من أمر القرآن فهو من تقصير عقولهم وجهالتهم، فإن محكمه حق، ومتشابهه حق، ولا يضرب بعضه ببعض، فما جهله الناس من أمره وجب رده إلى العالم به، ولهذا مدح الله الراسخين في العلم الذين قالوا: “… وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ” (آل عمران:٧)، أي: محكمه ومتشابهه حق؛ فلهذا ردوا المتشابه إلى المحكم فاهتدوا، وذم الله الزائغين عن الحق الذين اتبعوا ما تشابه منه ابتغاء الفتنة حيث ردوا المحكم إلى المتشابه فغووا.

ومن رد القرآن على هذه الدعوى أيضا قوله – سبحانه وتعالى – في آية أخرى: “اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ” (الزمر:٢٣)، فالقرآن أحسن الحديث، ولا كتاب أحسن منه، ولا يمكن لأحسن الحديث أن يكون فيه تناقض أو إشكال أو اضطراب.

ومعنى المتشابه هنا يراد به أن القرآن متماثل في النظم والبلاغة والهدف الذي يدعو إليه فلا تجد في أسلوبه اختلافا ولا في معانيه مناقضة، فهو يشبه بعضه بعضا في الحسن والحكمة، ويصدق بعضه بعضا، في غاية الفصاحة والبلاغة والجزالة.

وأيضا فقد نفى الله – عز وجل – عن كتابه جميع أنواع الريبة والشك فقال: “ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ” (البقرة:٢)، وقد استفتح بهذه الكلمة كتابه معلنا فيها التحدي لكل من يقرأ أن يجد فيه خطأ أو ريبا أو شكا، على خلاف عادة البشر الذين يستفتحون كتبهم بالاعتذار عن الأخطاء، وإظهار العجز، فالمرجو تقبل الحق الذي فيه والتماس العذر لأخطائه، أما القرآن فلا زيغ فيه ولا اختلال في نظمه ولا تنافي في معانيه، قال سبحانه وتعالى: ” الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا” (الكهف:1)، وهكذا ليس للبطلان إليه سبيل؛ لأنه منزل من رب العالمين ” لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ”(فصلت:42)، فهو كتاب عظيم مفصل، قال سبحانه وتعالى: “إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ. وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ” (الطلاق:13-14).

الخلاصة:

  • القرآن وحي من الله سبحانه وتعالى؛ ولذا سلم من الاضطراب والاختلاف، إذ لو كان من عند غير الله لكان فيه كثير من الاختلاف والتعارض.
  • ما توهمه الجاهلون من تناقض القرآن في أحكامه وتضارب معانيه مردوده إلى قصور عقولهم، وعدم تدبر وفهم معانيه وأحكامه.
  • القرآن الكريم تدل تفاصيل آياته على مقاصده؛ فلو تأمل هؤلاء المغرضون وتدبروا هدي القرآن لحصل لهم خير عظيم، ولما بقوا على فتنتهم الناتجة عن كفرهم.

المصدر: بتصرف يسير عن موسوعة بيان الإسلام للرد على الشبهات

 

[ica_orginalurl]

Similar Posts