لأن الإسلام هو دين الحق.. دين الفطرة الذي أخذ الله علينا العهد به ونحن في عالم الذر، كان مأوى الأفئدة وقبلة المسكونين بشغف البحث عن الخلاص…

أمينة عمار

الفكر الإلحادي

إن إبراز المساوئ الأخلاقية في الفكر الإلحادي من أهم الأوراق في مواجهته.

يشهد عالم ما بعد الحداثة سيطرة غير مسبوقة للفكر الإلحادي.. والذي أفرزته التجاذبات العنيفة في أوروبا بين الكنيسة ورجال العلم فكان ما يسمى بعصر” التنوير” البداية الفعلية لتغلغل المد الإلحادي في أوروبا بعد صدام عنيف بين الكنيسة ورجال العلم الذين ثاروا على سلطتها وكفروا بمبادئها.. فكان رد الكنيسة عنيفا وقاسيا، حيث مارست محاكم التفتيش ضدهم أشد أنواع الاضطهاد والتنكيل..

 وكان القرن السابع عشر مسرحاً لهذا الصدام، وقد حملت الثورة الفرنسية لواء الثورة على كل ما هو ديني، وتوالت الثورات في القارة العجوز لتدك آخر حصون التدين في أوروبا، فكان إرغام الناس بالقوة على اعتناق عقيدة ترى أن عمر الدنيا 7000سنة كما ورد في الأناجيل المحرفة.

فالمسألة هنا ليست نصرا للفكر الإلحادي على الدين كما يحاول ملاحدة العالم الإسلامي والسائرون في فلكهم الترويج له وإسقاط الواقع الأوربي في تلك الفترة على واقعنا اليوم، فما حدث في أوروبا هي ثورة على الظلم المتدثر بثوب دين محرف لا يمت للمسيح -عليه السلام- بصلة لذلك كان الإلحاد ردة فعل على سلطة الجبروت الكنسي الذي أذاقهم سوء العذاب، وبذلك يكون الإلحاد قد انتصر على الظلم لا على الدين.

 فالحضارة الإسلامية في الأندلس مازالت شاهدة على عظمة الحضارة في كنف “الدين”. وإذا كان الانحراف العقدي يعتبر من أهم أسباب الإلحاد بدءاً بالحضارة اليونانية.. مروراً بالعقيدة المسيحية التي انحرفت عن أعظم أصل من أصول الرسالات السماوية وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بالوحدانية، لذلك فإن مسؤولية التصدي لهذه الظاهرة تقع على عاتق المسلم صاحب العقيدة النقية من شوائب الشرك، فشجرة الإلحاد الخبيثة لا تتمدد فروعها إلا في البيئات الملوثة عقديا بهواء الخرافة والبدع والخزعبلات.

قيم الإسلام.. فجوة بين الواقع و التطبيق

فلابد لمن دخل غمار الحرب على أخطر موجات المروق على الخالق- سبحانه وتعالى- أن تكون خلفيته وفقاً لما جاء به محمد- صلى الله عليه وسلم- فالعقيدة النقية من الشوائب تجعل صاحبها تواقا إلى إخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان مبتغيا بذلك وجه الله تعالى: “كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ…” (آل عمران:110) إن الإشكالية الكبرى التي نواجهها هي إخفاقنا في العودة إلى تطبيق أخلاق الإسلام ومُثُله السامية ودور ذلك في محاربة الإلحاد الغارق في مستنقع الإفلاس الأخلاقي.

 حيث أن إبراز المساوئ الأخلاقية في الفكر الإلحادي من أهم الأوراق في مواجهته، إلا أن ذلك لن يؤتي أكله إلا إذا قدمنا نموذجا صحيحاً لأخلاق المسلم وضرورة تطبيقها على أرض الواقع وإزالة حالة الفصام التي تعيشها “الأمة” بين النظرية والتطبيق، حيث أن المسلم يشعر بالاعتزاز والرفعة وهو ينظر إلى عظمة هذا الدين وعدله وسمو رسالته، إلا أنه سرعان ما يحاصره الألم و الإحباط، عندما يصطدم بواقع أبعد ما يكون من تطبيق أوامر الإسلام ونواهيه، والتي تراعي مصلحة الإنسان في العاجل والآجل، بالرغم من أن هذه الحقيقة سكرت عنها أبصار الكثيرين لقصورهم عن إدراك ما يحدث في غدهم فكيف يدركون مستورات الغيب؟!

وحتى تجد الأمة كيانها المفقود، فإن محاربة الإلحاد ستظل محدودة إلى أن يقيض الله لهذه الأمة من لا همَّ لهم إلا النهوض بأمتهم وجعل شرع الله دستورا لها، وبعث قيم الصدق والعدل والأمانة والرحمة و التي أصبحت مفردات “برانية” على أمة أنجبتها!!

إن الوجدان الإنساني التائه في دروب الضياع و الرذيلة يحتاج إلى مخلص يخلصه من جحيم “الإلحاد” والذي بات قاب قوسين أو أدنى من تجريد الإنسان المعاصر من خصائصه الإنسانية، وهذا ما يستطيع الإسلام الحقيقي إن تهيأت له الظروف أن يقوم به، فمن يشاهد الانتشار المذهل لملة الإسلام في كل البقاع وخاصة دول جبروت الطغيان المادي (أمريكا أوروبا آسيا) ودائما ما نجدهم يكررون أنهم وجدوا ذواتهم في الإسلام وشعروا في رحابه بالاطمئنان والراحة وقصة عالم الرياضيات الأمريكي “جيفري لانج” وغيره تؤكد ذلك حيث يقول “في لحظة من اللحظات الخاصة في حياتي من الله بواسع علمه ورحمته علي بعد أن وجد ما أكابد من العذاب والألم، وبعد أن وجد لدي الاستعداد الكامل لمليء الخواء الروحي في نفسي فأصبحت مسلماً…”

ولأن الإسلام هو دين الحق.. دين الفطرة الذي أخذ الله علينا العهد به ونحن في عالم الذر، كان مأوى الأفئدة وقبلة المسكونين بشغف البحث عن الخلاص.. ويبرز السؤال هنا وهو: كيف يلقى الإسلام كل هذا القبول وتتضاعف أعداد معتنقيه وهو في أشد حالات ضعفه ويتعرض لأقسى وأعنف حملات الظلم والقتل والتشويه عبر التاريخ؟ و كيف سيكون انتشاره في العالم لو كان في أحسن أحواله أو على الأقل بحال أفضل من الآن؟؟

________________________________________

المصدر: بتصرف عن موقع أخبار الساحل http://sahelnews.info/node/3215

[ica_orginalurl]

Similar Posts