القرآن الكريم

القرآن هو كلام الله القديم الذِى أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم باللفظ والمعنى المتعبد بتلاوته والمتحدي بإعجاز الخلق عن الإتيان بمثل أقصر سورة منه

لغة: لفظ القرآن في اللغة مصدر مرادف للقراءة ويشير إليه قوله تعالى:

إنّ علينا جمعه وقرآنه . فإذا قرأناه فاتبع قرآنه (القيامة 17:75)

وقيل: إنه مشتق من قرأ بمعنى تلا. وقيل: إنه مشتق من قرأ بمعنى جمع ومنه قرى الماء في الحوض إذا جمعه.

شرعاً: القرآن هو كلام الله القديم الذِى أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم باللفظ والمعنى المتعبد بتلاوته والمتحدي بإعجاز الخلق عن الإتيان بمثل أقصر سورة منه. قال أهل السنة كلام الله منزل غير مخلوق، وهو مكتوب فِى المصاحف محفوظ فِى الصدور مقروء بالألسنة مسموع بالآذان وليس من كلام أحد من المخلوقين وهو الذي تعهد الله بحفظه:

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (الحجر 9:15)،

وهو دستور المسلمين؛ فقراءته عبادة، والتفكر فيه عبادة، واتباعه واجب. فكلما اقترب العبد من تحقيق وتطبيق الأخلاق الموجودة فيه، كلما اقترب من النموذج المحمدي الذي هو النموذج الأمثل للبشر، فهو كما قالت السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها (كان خلقه القرآن).

فالاشتغال بالقرءان من أفضل العبادات سواء أكان بتلاوته أم بتدبر معانيه فهو أساس الدين وقد أودع الله فيه علم كل شىء، فإنه يتضمن الأحكام والشرائع والأمثال والحكم والمواعظ والتاريخ ونظام الأفلاك فما ترك شيئا من أمور الدين إلا بينه ولا من نظام الأفلاك والحياة إلا أوضحه. قال الله عزّ وجل:

إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُور، ِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُور. (فاطر 29:35)

وقال تعالى:

نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإْنْجِيلَ (آل عمران 3:3)

وقوله تعالى: (نزل عليك الكتاب بالحق) يعني نزل عليك القرآن يا محمد بالحق أي لا شك فيه ولا ريب بل هو منزل من عند الله أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا وقوله “مصدقا لما بين يديه” أي من الكتب المنزلة قبله من السماء على عباد الله والأنبياء فهي تصدقه بما أخبرت به وبشرت في قديم الزمان وهو يصدقها لأنه طابق ما أخبرت به وبشرت من الوعد من الله بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم وإنزال القرآن العظيم عليه. وقال تعالى: “وأنزل التوراة ” أي على موسى بن عمران “والإنجيل” أي على عيسى ابن مريم عليهما السلام .وقال تعالى:

هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (آل عمران 138:3)

فقوله تعالى: (هذا بيان للناس) يعني القرآن فيه بيان الأمور على جليتها وكيف كان الأمم الأقدمون مع أعدائهم (وهدى وموعظة) يعني القرآن فيه خبر ما قبلكم وهدى لقلوبكم وموعظة أي زاجر عن المحارم والمآثم .

وصف الرسول للقرآن الكريم وفضله العظيم

يقول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (وكتاب الله تبارك وتعالى فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، هو الفصل الذِى ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله تعالى ومن ابتغى الهدى فِى غيره أضله الله تعالى، وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو الذِى لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا تشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضِى عجائبه) أخرجه الترمذى. وفى رواية (هو الذِى لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا: إنا سمعنا قرءانا عجبا، من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن تمسك به هدِى إلى صراط مستقيم. وروى الحاكم عن عبد الله بن مسعود رضِى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا القرءان مأدبة الله فأقبلوا من مأدبته ما استطعتم. إن هذا القرءان حبل الله المتين والنور المبين والشفاء الناجح، عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن اتبعه لا يزيغ فيستعتب ولا يعوج فيقوم ولا يخلق من كثرة الرد. اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته كل حرف عشر حسنات. أما إنِى لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف).

روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم. إن هذا القرآن حبل الله، وهو النور المبين والشفاء النافع عصمة من تمسك به، ونجاة من اتبعه، لا يعوج فيقوم، ولا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول: ألم حرف ولكن أقول ألف حرف ولام حرف وميم حرف. ولا ألفين أحدكم واضعا إحدى رجليه يدع أن يقرأ سورة البقرة، وإن أصفر البيوت من الخير البيت الصفر من كتاب الله) الطبراني والحاكم في المستدرك والبزار.

وأخرج الترمذي والدارمي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ستكون فتن كقطع الليل المظلم، قلت: يا رسول الله! وما المخرج منها؟ قال: كتاب الله تبارك وتعالى، فيه نبأ من قبلكم وخبر من بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين، ونوره المبين وذكره الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تتشعب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا يمله الأتقياء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا، من علم علمه سبق، ومن قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم).

وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه).

وروى مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين) رواه مسلم .وعن أنس رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن ملكاً موكل بالقرآن فمن قرأه من أعجمي أو عربي فلم يقومه قومه الملك ثم رفعه قواماً) الشيرازي في الألقاب.

الفوز بالشفاعة: وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه) رواه مسلم، حديث يحبه القلب المؤمن، إنه يعشق قراءة القرآن ليل نهار، كلما وجد وقتاً طار شوقاً إليه، إنه مطمئن البال فى كرم ربه ليكون القرآن شفيعاً له .. تخيل … تأتى يوم القيامة ويشفع لك القرآن الكريم .. أيشفع لك كتاب الله وتعذب؟ أتحاسب حساباً عسيراً؟

إن من أعظم أبواب الفرج تلاوة القرآن الكريم، تشرح الصدر وتزيل الهم وتذهب الحزن. لأن الإنسان مهما عظم حزنه واشتدّ كربه فإنه ينسى كل ذلك إذا جلس مع حبيبه فناجاه وكلّمه، فلا أحلى ولا أغلى عنده من ذلك الحديث، إنه ينسى كلّ همومه. وهكذا المكروب إذا قرأ القرآن الكريم فإنه يجد في ذلك متعة وفرحة تربط على قلبه وتأخذ بعقله ولبّه. لهذا قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: (إنّ هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد إذا أصابه الماء) قيل: يا رسول الله وما جلاؤها؟ قال: (كثرة ذكر الموت وتلاوة القرآن) رواه البيهقي في شعب الإيمان.

الفوز بالخيرية: أخرج البخاري عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار) رواه البخاري ومسلم و(الآناءُ) السَّاعاتُ، والحسد هنا بمعنى: الغبطة، أى: تتمنى أن يكون لك مثله دون أن تتمنى زوالها منه . اللهم اجعلنا مثل هذا الرجل الذى آتاه الله القرآن. إنه يقرأه آناء الليل وآناء النهار. اللهم اجعلها نية وليست أمنية .. هيا أبدأ من الآن، ولا تكن أقل منه ..

عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (زينوا القرآن بأصواتكم)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اقرؤوا القرآن فإن الله تعالى لا يعذب قلباً وعي القرآن وإن هذا القرآن مأدبة الله فمن دخل فيه فهو آمن ومن أحب القرآن فليبشر)

روى البيهقي عن عصمة بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو جُمع القرآن في أهاب ما أحرقه الله بالنار) وأخرج الطبراني والدارقطني عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (قراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة، وقراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من التكبير والتسبيح، والتكبير أفضل من الصدقة، والصدقة أفضل من الصيام، والصيام جُنـّة من النار)

وروى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: “إذا قام العبد من الليل فتسوّك وتوضأ ثمّ قام للصلاة فكبّر وقرأ، وضع المَلكُ فاه على فِيه ويقول المَلك: اتل اتل فقد طِبتَ وطاب لك، ألا وإنّ قراءة القرآن مع الصلاة كنز من كنوز الجنة وخير موضوع، فاستكثروا منه ما استطعتم”.

وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أحب أحدكم أن يحدث ربه فليقرأ القرآن) وعن عمرو بن شعيب رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ختم العبد القرآن صلى عليه عند ختمه ستون ألف ملك) وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعطوا أعينكم حظها من العبادة: النظر في المصحف والتفكر فيه والاعتبار عند عجائبه) وعن النعمان ابن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل عبادة أمتي تلاوة القرآن).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تعلموا القرآن واقرؤوه وارقدوا فإن مثل القرآن لمن تعلم فقرأه وقام به كمثل جراب محشو مسكاً يفوح ريحه في كل مكان، ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه كمثل جراب أوكي على مسك) وعن عبد الرحمن ابن شبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اقرؤوا القرآن واعملوا به، ولا تجفوا عنه ولا تغلوا فيه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به) ووعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اقرؤوا القرآن، فإن الله تعالى لا يعذب قلبا وعى القرآن)

رفع الدرجات في الجنة: عن عائشة رضي الله عنها: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عدد درج الجنة عدد آي القرآن فمن دخل الجنة من أهل القرآن فليس فوقه درجة) وأخرج أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص: (يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في دار الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها)

اكتساب الحسنات: وعن ابن مسعودٍ رضيَ اللَّه عنهُ قالَ: قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: (منْ قرأَ حرْفاً مِنْ كتاب اللَّهِ فلَهُ حسنَةٌ، والحسنَةُ بِعشرِ أَمثَالِهَا لا أَقول: الم حَرفٌ، وَلكِن: أَلِفٌ حرْفٌ، ولامٌ حرْفٌ، ومِيَمٌ حرْفٌ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح .إنه حديث نحفظه جميعاً عن ظهر قلب ونتذكره جميعاً فى رمضان، ولكنه دائماً يخرج من الألسنة إلا من رحم الله … آه لو أطلقت سراح قلبك ستتغير حياتك … صدقنى، يا الله … كل حرف بحسنة والحسنة بعشرة …. “بسم الله الرحمن الرحيم” تسع عشرة حرف أى مئة وتسعون حسنة … تخيل أنك لم تبدأ القراءة بعد.. إنها فى كتاب الله، إن جزء القرآن سبعون ألف حرف تقريباً أى: سبعمائة ألف حسنة كتبت لك فى ساعة إلا ربع، إننى أَعرف أنك تعرف هذا وربما تعرف أكثر من ذلك، ولكن ربما جنت عليك المعرفة إذا لم يتبعها عمل!! إنه ثواب عظيم فى وقت قصير .. كيف نستغنى عنه؟

[opic_orginalurl]

Similar Posts