عزيزي الملحد.. من إنسان يحب لك الخير، ويسأل الله أن ينفعك بهذه الكلمات، فلا تغمض عينيك ولا تغلق قلبك.. بين أيديكم الجزء الثاني من رسالة محب إلى كل ملحد حاد عن الطريق.

د. سعيد عبد العظيم

الإلحاد

حاول أن تقرأ المصحف من أوله إلى آخره، وأن تطالع وتتابع بعض ما جاء من صور الإعجاز، فلا تصور لحياة حقيقية بلا إيمان.

سادساً: تحدى القرآن الإنس والجن مجتمعين ومنفردين عبر العصور وكل الدهور بأن يأتوا بمثل هذا القرآن أو بسورة من مثله أو بعشر سور منه أو بحديث مثله، والعرب أهل الفصاحة والبلاغة فلم يستطيعوا مواجهة التحدى، وقيل لهم “فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ” (البقرة:24) فالعجز ثابت لهم في الماضى والحاضر والمستقبل، رغم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان أميا، وقال تعالى: “وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ” (العنكبوت:48) بل لو كان عالمًا ويقرأ ويكتب لما استطاع مواجهة التحدي، فالبشرية كلها أشبه بأطفال يلعبون بساحل البحر وهم يجهلون أعماقه، وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً، وقد اشتمل القرآن على كل صنوف الإعجاز العلمي والحكمي والتشريعي والبلاغي والطبي والفلكي..

وتضمن إشارات عن الأرض والنبات والسحاب والبحار والأجنة والكثير من الحقائق العلمية التى يعدها العلماء اكتشافات عصرية وكانت سبباً في إسلام الكثيرين من العلماء والمشاهير مثل: قوله تعالى “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ” (المؤمنون:12-14).

وقوله تعالى: “أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ” (النور:40)، وقوله تعالى: “وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا” (النبأ:19) وقوله: “وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ. لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ” (يس:38-40)، وقوله تعالى: “أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ” (أنبياء:30) وقوله تعالى: “فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ” (الواقعة:75-76)، وقوله تعالى: “كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ” (النساء:56)، وقوله: “بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ” (القيامة:4).

مؤتمرات وكتب الإعجاز والإرشادات وأسباب الدخول في دين الله وإسلام الوجه لله كثيرة جداً، فحاول أن تقرأ المصحف من أوله إلى آخره، وأن تطالع وتتابع بعض ما جاء من صور الإعجاز، فلا تصور لحياة حقيقية بلا إيمان.

سابعاً: القرآن الكريم هو أعظم معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، وهو معجزة باقية بين أيدينا، والتحدي مازال قائمًا، وجهالة العلماء وضحالة العلم مازالت واضحة، ويعجز البشر عن مواجهة التحدي، ثبت الإعجاز بكتاب الله، والنبي صلى الله عليه وسلم معجزاته كثيرة وعديدة، تخطت معجزات جميع الأنبياء السابقين، بل لا تثبت نبوة نبي إلا من طريق الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم، وخبره مذكور في الكتب السابقة: حوالي مائة وخمسون بشارة فيها دعوته وشاملة لصفاته ومبعثه ومهجره.. فهو كما يحكي عبد الله بن سلام الحبر اليهودى الذي أسلم: لا يأكل الصدقة ويقبل الهدية وبين كتفيه خاتم النبوة ووجهه ليس بوجه كذاب.

والأخبار كثيرة جدًا لا يتسع المقال لذكرها، فعليك بالرجوع لكتب السير ودلائل النبوة فكل الطرق مسدودة إلا من طريقه صلى الله عليه وسلم. وفي كتاب العظماء مائة أعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم الذي ترجمه أنيس مصور تقديم للنبي صلى الله عليه وسلم على كافة العظماء مثل أينشتين وإديسون وبيتهوفن..

ثامناً: كما فرقنا بين الإسلام كدين والمسلمين كواقع نفرق أيضًا بين ابن سينا الطبيب وابن سينا الفيلسوف، فنقبل طبه وقد لا نقبل فلسفته، وقس على ذلك بقية الفلاسفة المسلمين كالكندي والفارابي.

لا نقبل الفصل بين بعض الساعات وبعض، فهذا منطق أهل الجاهلية كانوا يقولون: اليوم خمر وغداً أمر، ونحن نقول اليوم ساعة لقلبك وساعة لربك. لا نقبل الفصل بين الرجال، فهؤلاء رجال الدين وهؤلاء رجال الدولة، عندنا علماء وولاة أمر يحكمون بشرع الله، والحكم موضوع لإقامة الدين وسياسة الدنيا به، لا فصل بين الأرض والسماء، فالأرض تحكم بوحي السماء، ولا فصل بين الدنيا والآخرة، فالحياة ممتدة زمانًا ومكانًا، زمانًا إلى أبد الآبدين، ومكاناً لجنة عرضها كعرض السماء والأرض؛ فالدين شامل لكل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والأخلاقية، وما يتعلق بالحرب وما يتعلق بالسلم..”قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ” (الأنعام:162-163) وقال سبحانه: “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا” (المائدة:3).

تاسعاً:أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ” (الأعراف:54) فالكون كله ملك لله والبشرية لا تستطيع إيجاد ذرة من العدم، يفسرون الماء بعد العسر بالماء، وخلقك والكون من حولك يدل على عظمة الخالق واتصافه بصفات الكمال ونعوت الجمال وأنه المستحق وحده دون سواه العبادة والتشريع والحكم “فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ” (الزمر:2)، “إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” (يوسف:40).

ولم تكن مشكلة الأمم في إنكار وجود الله وإنما في صرف العبادة لغير الله، فشبهوا الخالق بالمخلوقين، وجعلوا مع الله آلهة أخرى، ولذلك فما من نبي إلا قال: “اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ” (الأعراف:59) “وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ ” (النحل:36).

وقد بدأت البشرية بنبى مكلم هو آدم عليه السلام، أي بدرجة من أعلى درجات الهداية، وكانت عشرة قرون بين آدم ونوح على التوحيد الخالص ثم طرأ الشرك في قوم نوح “وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا” (نوح:23)، ثم تتابع إرسال الرسل “وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ” (فاطر:24) “… رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ” (النساء:165) فلم تتطور العقيدة، وإن الدين عند الله الاسلام، وشريعتنا حاكمة ومهيمنة على سائر الشرائع السابقة، ولم يكن “أخناتون” أول من دعا بدعوة التوحيد و قد دعا بتوحيد عبادة الكواكب.

عاشراً: القرآن فيه نبأ من قبلكم وخبر من بعدكم وحكم ما بينكم وهو الصراط المستقيم والذكر الحكيم، من عمل به أُجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم،لا تشبع منه العلماء ولاتزيغ به الأهواء، ومن تركه واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرًا. وما ورد فيه من مناظرات مثل مناظرة موسى مع الفرعون، وإبراهيم مع النمرود، ودعوة القرآن من مشركين وعبدة الكواكب والآيات الكثير في الخلق والقدرة، وما اصطلح عليه بتوحيد الربوبية أي الخلق والرزق والإحياء والإماتة هو بمثابة أمر واجب مركوز في الفطر والعقول السليمة، وهو مقدمة تقود إلى نتيجة هي توحيد الله وإفراد الله بالعبادة.

وما يسمى بتوحيد الألوهية وهو الذي ركز العلماء عليه في كتبهم ولم يتكلم بعضهم في مسألة وجود الله لاعتبارها موضع إقرار من البشر، بل والجن والإنس قديمًا وحديثًا، لا تحتمل عناء الإثبات، بل هذا الإقرار لا يكفي حتى يقر بتوحيد الله جل وعلا، أي توحيد الألوهية. ولذلك نقول للملاحدة أسلموا وجوهكم لله، وادخلوا في السلم كافة من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله، آمنوا بالله واتبعوا المرسلين، اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون “وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ” (آل عمران:85).

حبي للخير لكم يجعلني أدعوكم للإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، حلوه ومره، اغتسلوا غسل الإسلام وانطقوا بالشهادتين (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان وحجوا البيت إن استطعتم إليه سبيلاً. توبوا إلى ربكم توبة نصوحًا، واستقيموا يرحمكم الله، والسلام على من اتبع الهدى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

طالع أيضا:

عزيزي الملحد.. رسالة لك من محب (الجزء الأول)


المصادر:

[ica_orginalurl]

Similar Posts