فرضت الشريعة الإسلامية على المسلم خمس صلوات فقط في اليوم والليلة.. غير أن هناك عددا آخر من الصلوات له أحكام خاصة أخرى.. سنحاول تقديم كل ما يتعلق بها في هذه السلسلة.. وبدايتنا مع أحكام صلاة الجنازة…

حكم صلاة الجنازة

صلاة الجنازة

الصلاة على الميت فرض كفاية، ويسقط هذا الفرض بصلاة رجل واحد مكلف أو امرأة واحدة.

الصلاة على الميّت فرض كفاية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالصلاة على موتى المسلمين فقال – كما في حديث الذي مات مَدِيناً– (صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ) رواه البخاري ومسلم، ولما مات النجاشي قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَخًا لَكُمْ قَدْ مَاتَ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ) رواه مسلم، ولما أسلم الغلام اليهودي الذي كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ثمّ مات قال: (صَلُّوا عَلَى أَخِيكُم) رواه الحاكم والنسائي في الكبرى وإسناده صحيح. والأمر للوجوب كما هو معلوم .

ويسقط هذا الفرض الكفائي: بأن يُصلّي على الميّت رجل واحد مكلّف أو امرأة واحدة؛ لأن الصلاة على الميّت ليس من شروطها الجماعة بل هي سنّة.

شروط الصلاة على الميت:

يشترط لصحة الصلاة على الميت ثمانية شروط :

*النية: بأن ينوي الصلاة على الميّت.

*التكليف: بأن يكون الذي يصلي على الميّت بالغاً عاقلاً.

*استقبال القبلة.

*ستر العورة.

*اجتناب النجاسة.. وذلك لأن صلاة الجنازة من الصلوات فيشترط لصحتها ما يشترط لغيرها من الصلوات.

*حضور الميّت إن كان موجوداً بالبلد، بأن يكون بين يدي المصلين عند الصلاة عليه، فلا تصح الصلاة على جنازة محمولةٍ على الأعناق أو على دابة، أو من وراء حائل كحائط ونحوه.

*إسلام المصلِّي والمصلَّى عليه؛ فلا يُصلى على كافر؛ لقوله تعالى: “وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ” (التوبة: 85).

*طهارة المصلِّي والمصلَّى عليه ولو بالتراب في حالة العذر (كفقد الماء، أو عدم القدرة على استعماله)؛ لأن الطهارة شرط لصحة الصلاة كما هو معلوم.

 أركان الصلاة على الميت :

أركانها سبعة:

*القيام للقادر عليه؛ لأنها صلاة مفروضة فوجب القيام فيها كسائر الصلوات المفروضة، إلا إذا عجز عن القيام .

*التكبير أربع تكبيرات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كبّر على النَّجاشي أربعاً، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه (أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَعَى النَّجَاشِيَّ في الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى المُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ) رواه البخاري ومسلم.

*قراءة الفاتحة؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) رواه البخاري ومسلم، ولحديث طلحة بن عبد الله بن عوف قال: (صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى جَنَازَةٍ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَقَالَ: إِنَّهَا مِنَ السُّنَّةِ) رواه البخاري وأبو داود.

*الصلاة على صلى الله عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية؛ لحديث أبي أُمامَة بن سَهْلٍ: أنه أخبره رَجُلٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: (أَنَّ السُّنَّةَ في الصَّلاَةِ عَلَى الجَنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ الإِمَامُ ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى سِرًّا في نَفْسِهِ، ثُمَّ يُصَلِّى عَلَى النبي صلى الله عليه وسلم…) رواه البيهقي والشافعي بإسناد صحيح.

وصفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الجنازة، كصفة الصلاة عليه في التشهد الأخير من الصلوات (اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم …).

*الدعاء للميّت -بعد التكبيرة الثالثة-؛ لحديث أَبِى هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى المَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ) رواه أبوداود وابن ماجة بإسناد حسن.

*السَّلام؛ بأن ُيسلّم تسليمةً واحدةً عن يمينه؛ لحديث أَبي هريرة: (أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا وَسَلَّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً) رواه الدارقطني والبيهقي بإسناد حسن.

وإن اقتصر على قول: السلام عليكم أجزأه ذلك؛ لحديث الحارث الأعور قال: (صَلَّيْتُ خَلْفَ عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى جَنَازَةٍ فَسَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ حِينَ فَرَغَ: السَّلامُ عَلَيكُمْ) رواه ابن أبي شيبة بإسناد ضعيف .

*الترتيب؛ بأن يُرتّب هذه الأركان على هذا النحو، وسيتضح هذا أكثر عند بيان صفة صلاة الجنازة .

صفة الصلاة على الجنازة :

صفة صلاة الجنازة على النحو التالي:

ينوي الصلاة على هذا الميّت أو هؤلاء الموتى إن كانوا جماعة، ثمّ يكبر التكبيرة الأولى ويقرأ بعدها بفاتحة الكتاب، ثم يكبر الثانية ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما يصلي عليه في التشهد، ثم يكبر الثالثة ويدعو للميّت بنحو اللهم اغفر له وارحمه… والأفضل أن يدعو بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلاً خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ أَوْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ) رواه مسلم.

ويدعو لنفسه ولوالديه وللمسلمين بما تيسر أو بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلاَ تُضِلَّنَا بَعْدَهُ) رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح، ثم يكبر الرابعة ويقف بعدها قليلاً لا سيما الإمام؛ ليُكبر آخر الصفوف، ثم يُسلّم.

وقد دل على هذه الكيفية لصلاة الجنازة حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف: أنه أخبره رَجُل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: (أَنَّ السُّنَّةَ في الصَّلاَةِ عَلَى الجَنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ الإِمَامُ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى سِرًّا في نَفْسِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُخْلِصُ الدُّعَاءَ لِلْجَنَازَةِ في التَّكْبِيرَاتِ لاَ يَقْرَأُ في شَيْءٍ مِنْهُنَّ، ثُمَّ يُسَلِّمُ سِرًّا في نَفْسِهِ) رواه الشافعي والبيهقي بإسناد صحيح، وفي رواية عند البيهقي: (وَالسُّنَّةُ أَنْ يَفْعَلَ مَنْ وَرَاءَهُ مِثْلَ مَا فَعَلَ إِمَامُهُ).

تنبيهان:

الأول: يجوز لمن فاتته الصلاة على الميّت قبل الدَّفن أن يُصلّي على قبره، ما لم يمض على دفنه شهر وشيء؛ كيوم ويومين؛ لما رواه قتادة عن سعيد بن المُسيب (أَن أمّ سعد بن عبادة مَاتَت وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَائِب، فَلَمَّا قدم صَلَّى عَلَيْهَا وَقد مَضَى لذَلِك شهر) رواه الترمذي والبيهقي.

فإن مضى على دفنه أكثر من ذلك فتحرم الصلاة عليه؛ لأن الميّت لا يتحقق بقاؤه بعد ذلك على حاله.

الثاني: المَذْهَبُ: أن يقف الإمام – عند الصلاة على الميّت – عند صدر الرجل، وعند وسط المرأة، والرواية الثانية في المَذْهَبِ: أن يقف عند رأس الرجل، ووسط المرأة؛ لحديث أبي غالب قال: (صَلَّيْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَلَى جَنَازَةِ رَجُلٍ فَقَامَ حِيالَ رَأْسِهِ، ثُمَّ جَاءُوا بِجَنَازَةِ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالُوا: يَا أَبَا حَمْزَةَ! صَلِّ عَلَيهَا فَقَامَ حِيالَ وَسْطِ السَّريرِ فَقَالَ لَهُ العَلاءُ بْنُ زِيادٍ هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَى الجَنَازَةِ مَقَامَكَ مِنْهَا وَمِنَ الرَّجُلِ مَقَامَكُمْ مِنْهُ ؟ قَالَ: نَعَمْ) رواه أبو داود والترمذي (واللفظ له) بإسناد صحيح.

فاللهم ارحم موتانا وأنزلهم منزل خير، وثبتهم عند السؤال يا كريم.

____________________________

المصدر: موقع إدارة الإفتاء بدولة الكويت

http://site.islam.gov.kw/eftaa/JurisprudenceFacilitator/Pages/Jurisprudence41.aspx

[opic_orginalurl]

Similar Posts