ما هي المضار الصحية المترتبة على شرب الخمر وإدمان البعض له؟.. هل هي مضار يمكن تجاوزها وتفاديها، أم أنها تأثيرات من الممكن أن تتسبب في إحداث خلل بالغ في عدد من أجهزة الجسم ووظائفها؟…

إعداد/ إسماعيل الجرفي

الخمرتابعنا في الجزء الأول من المقال الإعجاز القرآني في تحريم الخمر وما أثبته الأطباء لها من تأثيرات شديدة الضراوة على أجهزة الجسم المختلفة بينَّا منها تلك المتعلقة بالجهازين العصبي والهضمي.. والآن إلى التأثيرات المميتة على الجهاز التنفسي، والقلب والأوعية الدموية

  • الجهاز التنفسي وشرب الخمر .. انتكاسةٌ تلو الأخرى

كما يؤثر الكحول على الجهاز التنفسي من خلال الأنف والبلعوم والحنجرة وكذلك على القصبة الهوائية وتفرعاتها حيث تصاب القصبات بالالتهاب المزمن جراء تناول الكحول خاصة إذا رافق التدخين.

  • كما يؤدي الكحول إلى توسع القصبات وهبوط في عملية التنفس ويؤثر على الرئتين حيث أثبتت الأبحاث تأثير الإدمان على الكحول على الوظائف الفسيولوجية للرئتين خصوصاً تأثيره على قدرة الرئتين على استيعاب أحجام معينة من الغازات والسعة الانتشارية للغازات.
  • كما يقوم الكحول بتأثيره السام بتقليل كمية الأكسجين في الدم ورفع نسبة ثاني أكسيد الكربون، لذا نجد أن الرئتين تحاولان التخلص من هذا السم الخبيث، لهذا تشم رائحة الكحول في زفير السكير. ويؤدي إلى التهاب الرئة الاستنشاقي والالتهابات الرئوية البكتيرية ومرض خراج الرئة.
  • القلب والأوعية الدموية

كما يؤثر الكحول على القلب والأوعية الدموية حيث يؤثر الكحول على استقلاب الدهون والمعادن والبروتينات في القلب ويؤثر على قدرة القلب على الانقباض.. حيث تثبط الخمرة عمل عضلة القلب فيقل ضخ الدم من القلب كما تزيد من سرعة دقات القلب، وترفع الضغط الانقباضي مما يؤدي إلى حدوث توسع في الأوعية الدموية والجلدية وهذه الأوعية تتأثر بالكحول حيث يسبب لها التوسع ويحس المدمن بالدفء لكن هذا الدفء وقتي حيث يستفرغ حرارة الجسم ثم يؤدي إلى انخفاض شديد في حرارة الجسم يؤثر عليه خاصة في المناطق الباردة.

ويصل طول الأوعية الدموية إلى (100.000/ كيلومتر يتم بواسطتها إيصال الغذاء والأكسجين إلى كل أنحاء الجسم) وحيث إن الخمر يؤدي إلى دهنية الدم فإن هذه الأوعية تصاب بالتصلب والضيق نتيجة تراكم الدهن عليها.

  • وأكدت الأبحاث تأثير الخمر على الجنين حيث تحدث له تشوهات خلقية وهو في رحم أمه كتوقف نمو الدماغ وصغر حجمه مما يؤثر على ذكاء الجنين أو يسبب تأخراً في جسمه بصفة عامة.
  • كما يؤثر على الغدد القنوية والصماء والمختلطة وعلى الجهاز البولي والتناسلي والحمل والجهاز الحركي والجلد وكثير من أجهزة الجسم.

والخلاصة:

أن الكحول يسبب انهيار المقاومة العامة للجسم وبالتالي استعداد الجسم للإصابة بالأمراض المختلفة والالتهابات الجرثومية والفطرية والفيروسية.

وبعد هذا العرض السريع والمختصر لبعض أضرار الخمر يتبين لنا حكمة التشريع الإلهي في تحريمها ونعلم علم اليقين أن هذه الشريعة قائمة على مصالح للعباد لا يعرفونها لكن الله يبدي للإنسانية بعض الحكم ليزيد إيمانها بالله تعالى.

فإن قيل ما وجه الإعجاز في تحريم الخمر… قلنا هو من أوجه:

الوجه الأول:  التحريم الكامل كما رأينا بسبب أضراره الفادحة التي أقرها علماء وأطباء على غير دين الإسلام.

الوجه الثاني: تحريم قليل الخمر وكثيره فقد يقول قائل: لماذا نص النبي صلى الله عليه وسلم على تحريمه قليلاً وكثيراً وهل في قليله أضرار ككثيره؟؟، يجيب على ذلك المختصون حيث أثبت العلم أن الكحول يختلف عن أكثر المواد في أنه حتى بالمقادير البسيطة يُحدث أضراراً في قوة الإرادة والتحكم وتزداد به الانفعالات النفسية والأضرار الفسيولوجية.

يقول الدكتور “البار”: وقد أظهرت الأبحاث الطبية أن أوقيتين من الويسكي فقط تسبب انخفاضاً في عمل القلب بنسبة 20%.

وسبق أن تحدثنا عن بحث الدكتور “مالفين كينسلي” بأن كأساً واحداً من الكحول تؤدي إلى موت بعض خلايا المخ.. الخ.

وبهذا يتبين إعجاز الأحاديث النبوية الصادرة عن من لا ينطق عن الهوى في تحريم قليل الخمر وكثيره.

الوجه الثالث: أن بعض الأطباء كانوا يقولون أن في الخمر شفاء وأنها تداوي بعض الأمراض بل إن بعضهم يقول إنها بالنسب القليلة مفيدة لمرضى القلب وأنها تقي من النوبات القلبية وأنها مفيدة للمعدة.. وكل ذلك ظهر بطلانه بكلام الأطباء المختصين وفندوا تلك الادعاءات السابقة بل ظهر أنه يحطم هذه الأجهزة ويزيد من تلك الأمراض… فمن علَّم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مع أن ادعاء أن الخمر شفاء كان شائعاً.

اسمع إلى النبي وهو يصف الخمر:

عن وائل الحضرمي: أن طارق ابن سويد الجعفي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر؟ فنهاه أو كره أن يصنعها. فقال: إنما أصنعها للدواء فقال صلى الله عليه وسلم: «إنه ليس بدواء ولكنه داء»(رواه مسلم).

فمن علَّم النبي الأمي أن هذه المادة الخبيثة لا شفاء فيها وأنها مضرة على أي وجه كانت؟!

بل اسمع إلى هذه القصة.. في عام 1928م عقد المؤتمر الدولي التاسع عشر لمكافحة المسكرات في مدينة “الفرس” ببلجيكا وفي المؤتمر وقف كبير أطباء مستشفى فيينا قائلاً: “لقد كان بعض الأطباء على خطأ علمي عظيم حيث كانوا يوصون بتعاطي جرعات من المشروبات الكحولية للاستفادة منها في مقاومة البرد لما كان يبدو من تأثير ظاهري في تدفئة الجسم عند تناولها واستطرد قائلاً: إن الشعور بالدفء في هذه الحالة إنما هو شعور كاذب إذ يليه انخفاض في درجة الحرارة”.

ثم فتح باب المنافشة.. فقال أحد العلماء: “إن أهل أيسلندا -وهي من أشد البلدان برودة- يستعينون على مقاومة البرد بتعاطي المشروبات الكحولية فكثرت بينهم الوفيات إلى حد أقلق بال ولاة الأمر فألّفوا لجنة لهذا الغرض وأثبتت اللجنة أن كثرة الوفيات في الجزيرة راجع إلى أن القوم يستنفدون حرارة أجسامهم بما يتعاطونه من المسكرات فيصعد البرد من داخل الجسم إلى سطح الجلد فتبرّده برودة الجو تدريجياً حتى يأتي على آخره، فتنتهي الحياة بانتهاء آخره وهذه الظاهرة هي التي دفعت برلمان أيسلندا إلى إصدار تشريع يحرم الخمر في بلاده”.

ثم نهض مندوب السويد فقال: “أريد أن ألفت أنظار أعضاء المؤتمر إلى ما حدث للدكتور (سكوت) وصحبه في رحلتهم عندما ذهبوا في منطاد لارتياد القطب الجنوبي فقد أدرك (سكوت) مدى تأثير الخمر في الأجواء الباردة فأوصى أصحابه بألا يشربوا الخمر حتى لا تفقد أجسامهم قدرتها على تحمل البرد وعندما نسي أصحابه هذه النصيحة وعمدوا إلى زجاجات الويسكي كانت النتيجة كما دونها الدكتور (سكوت) في مذكراته أن الذين اتبعوا نصيحته واجتنبوا شرب الخمر نجوا وحدهم من الموت دون غيرهم”.

عندئذ قام ممثل مصر الدكتور أحمد غلوش فقال: “إن الضحايا البشرية التي أشار إليها الأعضاء قد سلم المسلمون من أمرها بسبب اتباعهم أوامر دينهم ونبيهم محمد صلى الله عليه وسلم حيث حذرهم من شرب الخمر وأوضح لهم أنها لا تنفع في مقاومة البرد ثم قدم لهم رواية الحديث الذي رواه ديلم الحميري قال: «قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إنا بأرض باردة ونعالج فيها عملا شديدا وإنا نتخذ شرابا من هذا القمح نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا قال: هل يسكر؟ قلت: نعم قال: فاجتنبوه. قلت: إن الناس غير تاركيه قال: إن لم يتركوه فقاتلوهم»(أخرجه أحمد في مسنده).

فهل بعد هذا البيان من شك في صدق نبوة محمد النبي الأمي عليه الصلاة والسلام؟!.

الوجه الرابع: الإعجاز في بيان العلة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بين علة تحريم الخمر بقوله كما في صحيح مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنه: «كل مسكر خمر وكل خمر حرام» (رواه مسلم)، وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل شراب أسكر فهو حرام»(رواه البخاري).

فما هو سر تنصيص النبي صلى الله عليه وسلم على الإسكار لا شك أن لذلك سراً وذلك أن مادة الإسكار هي الكحول أو الإيثيل ورمزه الكيميائي (G2H5OH) وهي المادة التي تغتال العقول والتي نفاها الله تعالى عن خمر الجنة بقوله: “لا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ” (الصافات:47)، وأصل كلمة “كحول” في لغة العرب “غَوْل” وهذه المادة هي المادة المسكرة في جميع الخمور المصنّعة.

حيث قرر العلماء المتخصصون في أنواع الخمر أن مادة الغول توجد في كثير من المشروبات الكحولية التي تستخلص بتخمير النشا أو السكر أو غيرها من النشويات فهي وإن اختلفت في أسمائها فهي ذات أصل واحد ويظهر من ذلك صدق الرسول عليه الصلاة والسلام حيث روى عنه أبو مالك الأشعري رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم: «ليشربن أناس من أمتي الخمر ويسمونها بغير اسمها»(أخرجه أحمد في مسنده).

فهذه حجة الله البالغة وبراهينه الساطعة على صدق رسوله الكريم صلوات الله عليه وعلى آله ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ (المرسلات:50).

_______________________________

المصدر: بتصرف عن موقع جامعة الإيمان، الإعجاز التشريعي في تحريم الخمر

http://www.jameataleman.org/main/articles.aspx?article_no=1768

[ica_orginalurl]

Similar Posts