سبحان ربي.. ذو الجمال والجلال…

أ.د. عمرو شريف

الجمال والجلال

يلاحظ المتأمل للوجود ظواهر تعكس معاني الجمال والرحمة والعطاء، كما يلاحظ ظواهر تعكس معاني الجلال والعظمة.

يلاحظ المتأمل للوجود ظواهر تعكس معاني الجمال والرحمة والعطاء، كما يلاحظ ظواهر تعكس معاني الجلال والبطش والمنع والإذلال.

والمدهش أن الكثير من هذه المظاهر التي تبدو متناقضة هي إفراز لمنظومات واحدة؛ فنجم الشمس الذي هو مفاعل نووي مهلك يعمل بآلية الاندماج النووي، هو الشمس التي تقوم على طاقتها الحياة في الأرض، ويسحرنا جمالها وقت الشروق والغروب.

إن هذه الملاحظة ما هي إلا مثال للجمع بين صفتي الجمال والجلال، ومثال لكيف يتحول الجلال إلى جمال، وذلك بوجود الغلاف الجوي لكوكب الأرض الذي يحجب عنا الأشعة الكونية المدمرة. إنها مثال للكمال الذي يجمع بين الجمال و الجلال.

ولا يمكن أن يكون الجمع بين منظومتي الجمال والجلال في الكون إلا إفرازاً لصفات الجمال والجلال لموجد الكون و مدبره[1].

الجمال والجلال بين المسيحية واليهودية

وإذا كانت “صفات الجلال” بما تنطوي عليه من بطش ومنع وإذلال منبوذة في حق الإنسان، فإنها كمال في حق الله عز وجل، فالكمال الإلهي لا يتحقق بصفات الرحمة والتسامح واللين فقط، وهذا ما وقعت فيه المسيحية التي بين أيدينا، والتي صورت أن الله عز وجل جمال وحسب (الله محبة)، وذلك كرد فعل لليهودية المُحَرَّفة التي تصورت أن الله عز وجل جلال فقط.

ولا شك أن المسيحية عندما وصفت الله عز وجل بأنه جمال وحسب، كانت وراء تساؤل الكثيرين، ومن أين يأتي ما في الوجود من شرور وآلام؟ و كان المخرج الطبيعي أمام هؤلاء هو إنكار أن يكون للإله “المحبة” دور في الوجود، وبالتالي لا مبرر لافتراض وجود هذا الإله!.

ويُعرف هذا التسلسل الفكري “مجادلة الشر والألم” التي طرحها الفيلسوف اليوناني القديم أبيقور وكانت أكبر أسباب الإلحاد المعاصر.

 ومن ثم، نرى أن الوجود (بما فيه من ظواهر الجمال والجلال) يشير إلى ضرورة تمتع الإله الخالق بصفات الجمال مقترنة بصفات الجلال، وهذه هي النظرة التي أثبتها العلم للسبب الأول وراء الكون والتي طرحها الإسلام عن صفات الإله الخالق.

الهوامش:

[1]– من أسماء الله الجمال: الرحمن، الرحيم، الحميد، الودود، الرزاق، المغني، المجيب، الفتاح، المحي، المعز، النافع، الباسط، المعطي، الخالق، البارىء، المصور، الشكور، الجواد،الكريم، المنعم، الوهاب، المغيث، النور، الهادي، الشافي، العفو، الغفور ، الحليم.

من أسماء الجلال: المميت ، المذل، الخافض، الضار، المانع، القابض، القهار، المنتقم، الجليل، المتكبر، المتعال. ومن الجمع بين اسماء الجمال والجلال تأتي “أسماء الكمال” ومنها:

ذو الجلال والإكرام، فهو يجمع بين الجلال وبين الكرم كصفة من صفات الجمال.

والجبار: ففيه جلال البطش بالظالمين والمتكبرين، وجمال جبر (إصلاح) حال الضعفاء والمنكسرين.

_______________________________________

المصدر: بتصرف يسير عن كتاب/ الوجود رسالة توحيد، نيوبوك للنشر، القاهرة، ط1، 2015

[ica_orginalurl]

Similar Posts