المهتدون الجدد وإخبار ذويهم بإسلامهم، رُصِدت تلك الخطوة في حياة المسلمين الجديد على أنها أبرز التحديات التي تواجههم عقب اعتناقهم الإسلام.. كيفية إخبار أسرهم –خاصة الوالدين– بنبأ دخولهم في الإسلام.

د. محسن هريدي*

المهتدون الجدد

دع نمط حياتك الجديد يثير اهتمام والديك واخلق فيهما الحافز للاستفسار عن هذا النمط الجديد.

وقبل أن نقترح بعض الأفكار في هذا الصدد، لابد أن نُقر ببعض الحقائق.

أمرنا الإسلام ببر الوالدين والإحسان إليهما، حتى وإن كانا غير مسلمين. فقد يكون برك أيها المهتدي الجديد بوالديك سببا في شرح صدريهما للإسلام. فلا تغفل هذا الجانب، ودع والديك يشعران بأن إسلامك غيَّرك إلى الأفضل.

في عصرنا المفتوح يلعب الإعلام دورا في تشويه الإسلام والمسلمين، وهذا يأتي ضمن الحملة الممنهجة الموجهة لصد الناس عن الإسلام. والضحية هنا هم من يشاهدون أو يستمعون إلى وسائل الإعلام ممن لا يعلمون شيئا عن حقيقة الإسلام سوى ما يستقبلونه من هذه الوسائل. وبالتالي تتكون لديهم صورة نمطية عن الإسلام والمسلمين. وهذه الصورة مضمونها أن الإسلام دين عدواني يدعو أتباعه إلى العنف.

ووالدا أي مهتد جديد هما من ضحايا هذا الإعلام المغرض، ومن ثم تصعب مواجهة الوالدين بخبر اعتناق الإسلام. فمثل هؤلاء الآباء يرون اعتناق أبنائهم للإسلام أمرا غير مقبول، لأن أبناءهم سيتحولون في يوم من الأيام إلى إرهابيين نتيجة لصورة الإسلام المشوهة التي تتناقلها وسائل الإعلام.

المهتدون الجدد قد يحالف الحظ بعضهم إذا كانت أسرهم على علاقة ببعض المسلمين الذين قد يكونون سببا في تغيير هذه الصورة النمطية عن الإسلام، خاصة إذا كان هؤلاء المسلمون ممن لديهم فهم واسع للإسلام وعلى دراية بمقاصده وتشريعاته.

المهتدون الجدد.. وبداية إعلام الوالدين (نصائح مفيدة)

دع نمط حياتك الجديد يثير اهتمام والديك واخلق فيهما الحافز للاستفسار عن هذا النمط الجديد الذي جعل منك إنسانا آخر يحترم والديه، ويبرهما ويحسن إليهما. عندها يمكنك أن تخبرهما باعتناقك الإسلام، وتأكد أنهما سيؤيدان قرارك واختيارك.

قد تضطر أحيانا إلى إخفاء أمر إسلامك حتى تجد الفرصة المناسبة لمصارحة أهلك. في هذه الأثناء قد يعرض عليك والداك أكل شيء محرم في الإسلام مثل لحم الخنزير، عندها أخبرهما بأنك أصبحت نباتيا، ومن ثم لا تأكل اللحوم أو الدواجن، أو شرب الخمر، وعندها تخلص من هذا المشروب بأي طريقة دون أن يلاحظ الوالدان. وقد تضطر الأخت المهتدية إلى أن تكشف شعرها عند باب المنزل حتى لا تجرح مشاعر أهلها، ولكن عليها أن تحافظ على حجابها خارج المنزل.

عند مصارحة والديك بنبأ إسلامك قد تسمع منهما ما يؤذيك، وعند ذلك لا تظهر أي غضب، وكن هادئا ولا تنفعل وتأكد أنك على الحق وأن الله سيثبتك.

قد تحتاج أحيانا بعض الوقت لدراسة الإسلام حتى تكون على استعداد للإجابة عن الأسئلة التي سيثيرها والداك حول الإسلام. وهنا ننصحك بألا تبادر بإخبار والديك بنبأ اعتناقك الإسلام قبل أن تلمّ بالشبهات التي تثار حول الإسلام من حين لآخر، مثل لماذا ترتدي المرأة المسلمة الحجاب؟  لماذا يدعو الإسلام إلى العنف؟ …إلخ.

قد يفضل بعض المهتدين الجدد كتابة رسالة لوالديهم يخبرونهم فيها عن اعتناقهم الإسلام. وقد تنجح هذه الطريقة مع البعض وتخفق مع البعض الآخر. ويعتمد رد فعل الوالدين عقب قراءة هذه الرسالة على أسلوب الخطاب؛ فالبعض يلقي باللوم على والديه لأنهما السبب في ضياعه في فترة ما من فترات حياته. فماذا تتوقع في هذه الحالة؟ من الطبيعي أن ينفعل الوالدان ويرفضا اعتناقك الإسلام. ولكن إذا اتخذت هذا القرار فكن مؤدبا في مخاطبة والديك، واذكر فضلهما عليك ورعايتهما لك، واذكر كذلك أن الإسلام يأمرك بالبر بوالديك وإن كانا غير مسلمين. وادع الله أن يقذف في قلوبهما الطمأنينة والسكينة، ومن ثم يفرحان بنبأ اعتناقك الإسلام.

وبعض المهتدين يفضلون الحديث المباشر مع والديهم، وهذا أفضل. ولكن قبل أن تبدأ هذا الحوار المفتوح معهما تخير كلماتك وابتعد عن الكلمات التي قد تؤذيهما وتثير غضبهما. كن لينا في الحديث معهما. تحدث عن سمات الإسلام واهتمامه بمكارم الأخلاق. تحدث عن التغييرات التي أحدثها الإسلام في حياتك. ركز على قضية الترابط الأسري ومدى اهتمام الإسلام بها، لأن مشكلة التفكك الأسري تعاني منها كثير من المجتمعات. حدثهما عن الراحة التي تشعر بها أثناء الصلاة، خاصة في السجود. تحدث عن الروحانيات التي تشعر بها في رمضان وأنت تمتنع عن الطعام والشراب المشروع طاعة لله تعالى.

يستعين المهتدون الجدد أحيانا بأصدقائهم ممن هداهم الله إلى الإسلام في إخبار والديهم بنبأ اعتناقهم الإسلام خاصة إذا كان هذا الصديق مقربا من والدي المهتدي. ومهمة هذا الصديق أن يمهد الطريق أمام المهتدي قبل إعلام الوالدين بإسلام صديقه، حيث يبدأ الحديث عن الإسلام وسمات الإسلام وما أحدثه الإسلام من تغييرات إيجابية في أحواله وأحوال صديقه. وقد يكون هذا الصديق لايزال على دينه القديم، ولكنه يؤمن بالاختيارات الشخصية، ويحترم الدين الجديد الذي اعتنقه صاحبه, ومن ثم يساعد صديقه في التحدي الذي يواجهه أمام والديه.

وأحيانا تستعين بعض المهتديات بأزواجهن في إخبار ذويهم بنبأ اعتناقهم الإسلام، خاصة إذا كان الزوج مقربا من الوالدين ويريان فيه الزوج الوفي الذي يحرص على مصلحة ابنتهم.

كما أن هناك فئة من المهتدين تفضل الحديث إلى أحد الوالدين عبر الهاتف عقب اعتناق الإسلام، خوفا من المواجهة المباشرة. فإذا كان المهتدي قريبا من والدته فحينها يبدأ بمصارحتها دون تأخير وهي ستتولى مسألة إخبار الوالد والعكس صحيح.

كل هذه وسائل وطرق يلجأ إليها بعض المهتدين عند مصارحة ذويهم بنبأ إسلامهم. ولا توجد قاعدة معينة يسير عليها المهتدون الجدد؛ حيث إن لكل مهتد حالة خاصة به، ومن ثم لا يجوز التعميم في كل الحالات. فانظر أخي المهتدي الطريقة التي تراها ملائمة للحديث إلى والديك عن إسلامك وأسلوب الحياة الذي ارتضيته لنفسك ولأولادك من بعدك، وتأكد أن الله سيجعل لك مخرجا وستصبح علاقتك بوالديك أفضل مما كانت عليه من قبل. وأخيرا الزم الدعاء فهو سر عظيم من أسرار التوفيق.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* رئيس تحرير لجنة الدعوة الإلكترونية.

[opic_orginalurl]

Similar Posts