عامر البو سلامة

أيد ممتدة

مد يد العون للناس هو مفتاح قلوبهم

من الطرائق العملية في بناء الجماهير نذكر ما يأتي:

– إحياء رسالة المسجد، والتواصل من خلال أنشطته مع الجماهير، تربية وتكويناً، فالتربية في ظلال المسجد، حالة استثنائية في عالم البناء، وترسيخ القيم، والمثل الرفيعة. فالمسجد مهوى أفئدة المؤمنين، ومقر إلهي (بيت الله) يجتمع فيه الناس، على موائد النور والضياء والخير والفضيلة، فما عليك إلا إحياء هذه الرسالة، من خلال:

– الإعداد الجيد لخطبة الجمعة، وهي فرصة ثمينة لتوجيه هؤلاء الذين حضروا بين يديك، التوجيه الذي يتناسب مع المشكلات التي تريد علاجها، من خلال رؤى تربوية، تحلية بالفضائل، وتخلية عن الرذائل، وأداء الواجب بقسميه العيني والكفائي، بمنظومة متكاملة، تصنف مراتب العمل بشكل دقيق، وصورة واضحة المعالم، حتى يعرف المرء ما يريد، ويحقق ما يصبو إليه، وما يخطط له.

أو صناعة رأي عام في قضية من القضايا أو غير ذلك مما يرسم في خطتك.

– تفعيل الدروس المسجدية: بناء على رؤية واضحة، واختيار العلماء والدعاة، المؤهلين للقيام بهذه المهمة العظيمة، ممن يتصفون بالفهم السليم، والعلم النافع، والوسطية الربانية، والتوازن في الفكر.

– المجلة الحائطية، ولوحة الملصقات: فالفكرة على يسرها، لكنها غاية في الروعة وتوصيل الأفكار السريعة، يتابعها شاب من الشباب، المواكبة سمتها، والتحديث ديدنها، والجديد رائدها، والمتابعة عمادها، فرب فكرة سريعة، وتوجيه خاطف، يفعل فعلته في تغيير مسار بعض الناس، ورب كلمة لا يلقي المرء لها بالاً، ترفع أناساً، وتجعلهم في مصاف الذين يعملون، والتجارب في هذا الباب معروفة معلومة.

– مدارس تحفيظ كتاب الله تعالى، التي تكون عادة ملحقة في المسجد، وهذه لا بد من تعميمها والعناية بها، فالجمهور كلما كان متواصلاً مع كتاب الله تعالى، وغير هاجر له، كان على الجادة والطريق المستقيم، وطوبى لمن أنفق ماله وجهده، في خدمة كتاب الله تعالى، وفي الصحيح: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”، وما أروع أن تتربى الأجيال على موائد القرآن، وعندما تكون الجماهير متربية على هذا، حتى نوجد أجيال القرآن، تكون الأمة بألف خير، فهل من مشاريع “مليونية” لتحفيظ كتاب الله تعالى؟ لا غرو ولا عجب، ففي بعض بلاد المسلمين، تحقق مثل هذا المشروع.

– صندوق العناية بفقراء الحي: وهذا يؤكد اللحمة بين الدعاة والناس، في تلمس همومهم، وحل مشكلاتهم.

– القيام بالمناشط العامة، والعناية بها، مثل تنظيم الاعتكافات، وترتيب الندوات، وصناعة المسابقات، والاجتهاد في هذه الجوانب كثير، والسعيد من ابتكر وطور.

– تكوين لجنة مسجدية من الوجهاء والصلحاء، لإصلاح ذات البين، وفض النزاعات بين الناس، وترسيخ قيم السلم الاجتماعي.

– من وسائل التواصل مع الجماهير: العناية بفنون الكتابة، مثل الكتاب والمقالة والشعر والمسرحية والقصة والرواية، بثاً للخير، ونشراً لقيم الصلاح، وترسيخاً لمفاهيم الفضيلة، كل ذلك بقوالب معاصرة، وبلغة قوية قريبة من أذواق الناس وفهومهم، وهذا الأمر يحتاج إلى بناء وصناعة، ومنها العناية بالموهوبين، ليتحقق الأداء الصحيح، والقيام بهذه المهمة الشاقة.

-الاهتمام بوسائل التواصل الاجتماعي مثل “الفيسبوك”، و”التويتر” والمدونات والمواقع، ويا لها من وسائل، وما أعظمها من وسائط! لو أننا استثمرناها في التوجيه نحو مشاريع البناء التي ندندن حولها.

– مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم: حتى لا يكون الناس في وادٍ، والدعاة والعلماء في وادٍ آخر، لا بد من بناء جسور التواصل معهم، بأن يكون المرء مع الناس في أفراحهم، ويشاركهم الفرحة، في أداء فقه الساعة، ويقدم ما يناسب المقام، وكذلك في الأتراح، فالناس تحب من يقف معها ويساندها ويساعدها، ولو بموقف حضور، أو ابتسامة فرح، أو هدية متواضعة، وفي الحديث الصحيح: “تهادوا تحابوا”.

– الاهتمام بالمنظمات الأهلية: وقيام كثير من المجتمعات التي فيها، حرية العمل الأهلي، على توفير الأجواء المناسبة لوجود هذه المنظمات، والعمل فيها يحتاج إلى خبرة ودربة ومران، ولا بد من الدخول في هذه القضايا، لتحقيق المراد، والوصول إلى الجماهير والتعامل معهم.

– العناية الفائقة بوسائل الإعلام، وفي المقدمة منها “الفضائيات”: قال أحد كبار الدعاة، من رواد الصحوة الإسلامية المعاصرة: لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لجعلت جُلَّ جهدي، ينصب على الإعلام، به أدعو إلى الله، ومن خلاله أكسب الجماهير، وبواسطته أرسل الرسالة التي أريد، وبتفاصيل برامجه آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأوجه رسائلي التي أبغي وصولها لكل طبقات المجتمع.

– التركيز على الفنون، وبناء منظومتها المؤثرة، والمنضبطة بفتوى أهل العلم من المحققين الراسخين.

– المساهمة في صناعة الشراكات الجماهيرية الوطنية النظيفة: فيد الله مع الجماعة، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، والشتات ضياع، والفرقة شر، وفي ثنايا ومطويات مثل هذه المسائل، تضيع الجماهير.. وهنا تبرز أولويات هذه الشراكات، وتكون في المقدمة منها ما كان إسلامياً، وهكذا حتى نصل في التعاون مع كل من فيه ذرة من خير، فالحمل الثقيل يخف لما يكثر حاملوه. {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة: 2).

———

* المصدر: مجلة المجتمع.

[ica_orginalurl]

Similar Posts