خاص بموقع "مهارات الدعوة"

الدعاة هم قلب المجتمع النابض، الذي يوجهه الوجهة الصحيحة، ويأخذ بيديه إلى طريق الهدى والرشاد، من خلال توضيح الصواب من الخطأ، والضلال من الهدى {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (النحل: 44).

ومن المناسبات التي يكثر فيها اللغط، ويتداخل فيها الصواب مع الخطأ، والبدع مع السنن ليلة النصف من شعبان؛ فقد وردت فيها أحاديث وآثار كثيرة، صحح علماء بعضًا منها، وضعفها آخرون وإن أجازوا الأخذ بها في فضائل الأعمال، مثل حديث أحمد والطبراني “إن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا ليلة النصف من شعبان، فيغفر لأكثر من شَعْرِ غَنَمِ بني كلب، وهي قبيلة فيها غنم كثير”. ومنها أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يطلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن” (صححه الألباني).

وهناك خلاف آخر في حادثة أخرى تعد نقطة تحول في تاريخ الدعوة الإسلامية وهي تحويل القبلة من بيت المقدس إلى بيت الله الحرام.. هل حدثت ليلة النصف من شعبان أم في غيرها، إلا أن ابن كثير ذكر في “البداية والنهاية” أن الجمهور الأعظم قالوا: “إنما صرفت في النصف من شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من الهجرة”.

وبناء على ما سبق يمكن توصيف أدوار الدعاة في هذه الليلة فيما يلي:

أولا- توضيح الموقف الشرعي الصحيح للناس في فضائل هذه الليلة، وتمييز الآثار الضعيفة أو الموضوعة من الصحيحة.

ثانيا- النهي عما يرتكبه بعض الناس من بدع لم يرد فيها نص صحيح مثل تخصيص هذه الليلة بعبادة خاصة من صيام أو قيام أو صلوات خاصة بها.

ثالثا- استثمار بعض الآثار التي وردت فيها والتي أجاز العلماء الأخذ بها في فضائل الأعمال لحث الناس على تنقية القلوب من الأمور الشركية التي قد تؤثر على إيمانهم دون أن يشعروا.

رابعا- الحث على التحلي بالأخوة الصادقة، والتخلص من المشاحنات ومظاهر البغضاء التي قد تحول دون مغفرة الله تعالى في هذه الليلة، والتي يكون لها أثرها المدمر على المجتمع وأفراده.

خامسا- استثمار هذه الليلة في التعرض لمغفرة الله تعالى التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة، على أن يكون ذلك بصورة صحيحة بعيدة عن البدع والشركيات. فهذه فرصة للداعية أن يزيد رصيد إيمانه ويخلو بنفسه ويناجي ربه حتى ينال مغفرته ويفتح له قلوب عباده.

سادسا- استثمار حادثة تحويل القبلة في ربط الأفراد ببيت الله الحرام وحسن التوجه له قلبا وجسدا، من خلال إقامة الصلاة بصورتها الصحيحة، وكذلك توحيد القلوب الناتج عن توحيد التوجه الجسدي له؛ فالأمة أمة واحدة وقبلتها واحدة وربها واحد وغايتها واحدة.

سابعا-  تهيئة الناس لاستقبال شهر الخير والبركة شهر رمضان؛ فدخول هذه الليلة يعني اقتراب دخوله؛ وهو ما يحتاج إلى تهيئة قلبية واجتماعية لاستقباله.

نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يحسنون التعرض لنفحاته، واستقبال مواسم خيراته، وأن نجعل شعبان فرصة لاستقبال شهر رمضان.

 

 

[ica_orginalurl]

Similar Posts