م. أشرف فريد

الابتسامة من الأمور التي حث الإسلام عليها، هي والبشاشة في وجوه الآخرين لجلب المودة وتعميق روح الإخاء؛ بل إن أساس العلاقة بين البشر قائمة على التعارف والتآلف بينهم. والابتسامة سبب من أسباب ذلك قال الله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

لذلك حرص الإسلام على تدعيم هذه العلاقة بين المسلمين بكل الوسائل والطرق، وفي جميع الأحوال والظروف، ولعل من أعظم هذه الوسائل التي تقوي علاقة المسلم مع أخيه المسلم وتجعله محبوباً بين الناس البشاشة وطلاقة الوجه .

الرسول المبتسم

فاضلة يستطيعها الفقير والغني على حدّ سواء.. روى الترمذي عن عبد الله بن الحارث قال: “ما رأيت أحدا أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم”، تلك الابتسامة التي جعلت جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه- ينتبه لها ويتذكرها، ويكتفي بها هدية من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول: “ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسم في وجهي”.

فكان الحبيب صلى الله عليه وسلم بسام المحيا أكثر الناس تبسما، ولم يعبس بوجه أحد؛ يبتسم مع زوجاته وأحفاده وأصحابه وجيرانه، وفى كل تعاملاته.

والسيرة النبوية مليئة بنماذج رائعة لبشاشة وجه النبي مع الآخرين.

الابتسامة عبادة وصدقة

قال الحبيب -صلى الله عليه وسلم- عن البسمة والبشاشة السحر الحلال: ” تبسمك في وجه أخيك صدقة” (رواه الترمذي).

وما أكثر ما فرطنا في هذه العبادة، وما أكثر ما بخلنا في هذه الصدقة .

هي إعلان الإخاء، وعربون الصفاء، ورسالة الود، وخطاب المحبة، تقع على صخرة الحقد فتذيبها، وتسقط على ركام العداوة فتزيلها، وتقطع حبل البغضاء، وتطرد وساوس الشحناء، وتغسل أدران الضغينة، وتمسح جراح القطيعة.

وفي صحيح مسلم قال -صلى الله عليه وسلم-: ” إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم؛ فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق “.

فالابتسامة الصادقة النابعة من شغاف القلب تفعل فعل السحر وتجذب كالمغناطيس،  وهي التي تزيد الوجه رونقا وبهاء،  لا الابتسامة المصطنعة التي تخفي وراءها الكيد والمكر .

نبى الله سليمان يبتسم لنملة

وإذا كان نبي الله سليمان -عليه السلام- قد تبسم لنملة صغيرة في وادٍ مترامي الأطراف عندما سمعها تحذر { فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}.

فما أحوجنا إلى تبسم.. تبسم الأخ في وجه أخيه،  والجار في وجه جاره في زمن طغت فيه المادة، وقلت فيه الألفة، وكثرت فيه الصراعات، وما أحوجنا إلى  تبسم الرجل في وجه زوجته والزوجة  في وجه زوجها في زمن كثرة فيه المشاكل الاجتماعية؛ فلا ترى إلا عبوس الوجه، وتقطيب الجبين، وكأنك في حلبة صراع من أجل البقاء.

وما أحوجنا إلى تلك الابتسامة من مدير في وجه موظفيه؛ فيكسب قلوبهم، ويرفع من عزائمهم بعيداً عن التسلط والكبرياء .

فما أجمل الإسلام دين البشاشة وطلاقة الوجه .. ودين السعادة.

—–

* خبير التنمية البشرية وتطوير الذات، والمقال بتصرف من موقع “منارات”.

 

[opic_orginalurl]

Similar Posts