يعد الإيمان بالكتب السّماوية دليلا على وحدة الرّسالات الإلهيّة، ودليلا كذلك على أنّ الإسلام هو الجامع لكلّ هذه الدّيانات…

إعداد/ فريق التحرير

الإيمان بالكتب

ورد في القرآن الكريم ذكر الإيمان بالكتب السّماوية بعدّة صيغ مختلفة.

ورد في القرآن الكريم ذكر الإيمان بالكتب السّماوية بعدّة صيغ مختلفة، منها الأمر.. واعتبارها صفةً للمؤمنين، ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: “قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ” (البقرة:136).

وقد جاء في سورة آل عمران في صيغة مشابهة لذلك في قوله سبحانه وتعالى: “قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ” (آل عمران: 84)، وهذه الكتب السّماوية مختلفة في لغاتها، وشرائعها، لأنّها نزلت على أقوام مختلفين، وبالتالي اقتضى ذلك اختلاف ما يرد فيها من نصوص حسب الحالة، قال الله سبحانه وتعالى: “لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم” (المائدة:48)، ولكنّ الأساس الذي بُعث فيه الرّسل بهذه الكتب السّماوية ثابت لم يتغيّر، قال سبحانه وتعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ” (الأنبياء:25).

 أهمية الإيمان بالكتب السماويّة

للإيمان المسلم بالكتب السّماوية أهميّةً كبيرةً، منها:

  • أنّ إيمان المسلم بالكتب السّماوية يعتبر ركناً من أركان الإيمان، لأنّ الإيمان لا يتمّ إلا بذلك.
  • أنّ الإيمان بالكتب السّماوية دليل على وحدة الرّسالات الإلهيّة، ودليل كذلك على أنّ الإسلام هو الجامع لكلّ هذه الدّيانات، واعتبار أنّ المسلمين هم أولى النّاس بقيادة البشريّة، وذلك طبقاً لمنهجيّة الإسلام، والمسلم يؤمن تماماً أنّ أهل الكتاب لديهم أساس وأصل لدينهم، وبالتالي يجعل ذلك أهل الكتاب قريبين من الإسلام والمسلمين، قال سبحانه وتعالى: “شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ” (الشورى: 13).
  • أنّ الإيمان بالكتب السّماوية يعتبر جزءأً من إيمان المسلم بالقرآن وبالله سبحانه وتعالى، وبأنّ هديه لم ينقطع عن البشريّة، وبأنّه قد أرسل في كلّ أمّة رسولاً، قال سبحانه وتعالى: “وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ” (فاطر:24).
  • أنّ الإيمان بالكتب السّماوية يشتمل على إيمان المسلم بالقرآن، وأنّه سليم وخال تماماً من أيّ تحريف أو تزييف، فالقرآن الكريم جاء مصدّقاً للكتب السّماوية السّابقة، ويعتبر المرجع الوحيد لتحديد الحقّ وبيانه، قال سبحانه وتعالى: “وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ” (المائدة:48).
  • أنّ الإيمان بالكتب السّماوية يُشعر المسلم بوحدة البشريّة، ووحدة الأديان، ووحدة الرّسل والمصدر، وبالتالي فإنّ الإسلام يعتبر ميراثاً لكلّ العقائد السّماوية منذ بداية البشريّة.
  • أنّ الإيمان بالكتب السّماوية يجعل روح المسلم نقيّةً من كلّ تعصّب تجاه الدّيانات الأخرى، وضدّ من يؤمنون بها.

الإيمان بالكتب من أركان العقيدة الإسلامية:

الإيمان بالكتب السماوية المنزلة من عند الله عز وجل إلى أنبيائه ورسله ثابت بالقرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع، يقول تعالى: “كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ“(البقرة:285)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله…) فجعل الإيمان بالكتب بعد الإيمان بالملائكة وقبل الإيمان بالرسل.

الإيمان بالكتب إجمالاً:

يجب الإيمان إجمالاً بكل الكتب السماوية التي أنزلها الله على الأنبياء والرسل سواء سماها الله وذكرها في القرآن، أو لم يذكرها، حيث يقول تعالى: “كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيه… ” (البقرة: 213)، ويقول سبحانه: “فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ” (آل عمران: 184)، ومعنى ذلك أن الأنبياء والرسل السابقين أنزل الله عليهم الكتب مبشرين بها ومنذرين للناس.

الإيمان بالكتب تفصيلاً:

وأما الكتب والصحف التي وردت أسماؤها في القرآن الكريم والسنة النبوية، فيجب الإيمان بها تفصيلاً وهي كما يلي:

  • صحف إبراهيم وموسى: يقول تعالى: “إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى.صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى” (الأعلى: 18-19)، ويقول سبحانه: “أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى. وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى” (النجم: 36-37).
  • التوراة: وهي الكتاب السماوي المنزل على نبي الله موسى عليه السلام حيث تلقاها من الله عز وجل بعد أن كتبها له بيده، يقول تعالى: “وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ” (الأعراف:145)، ويقول سبحانه “إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ” (المائدة: 44)، وهي تختلف عما يسمى بالأسفار الخمسة: (سفر التكوين، سفر الخروج، سفر اللاوين، سفر التثنية، سفر العدد)، والتي يزعم اليهود أنها أسفار موسى الخمسة، رغم أن أحبارهم هم الذين كتبوها بأيديهم، وحرفوا التوراة الأصلية، وأخفوا كثيراً منها، فخلطوا الحق بالباطل.
  • الزبور: وهو ما أنزل على النبي داود عليه السلام يقول تعالى “وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً” (الإسراء: 55)، ويختلف عما يعرف في أسفار اليهود بـ(المزامير).
  • الإنجيل: وهو الكتاب الذي أنزله الله عز وجل على عيسى بن مريم عليهما السلام يقول تعالى: “وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ” (المائدة: 46).وهو يختلف تماماً عما يعرف عند النصارى في العهد الجديد بالأناجيل الأربعة: (إنجيل متى – إنجيل لوقا – إنجيل مرقس – إنجيل يوحنا).
  • القرآن الكريم: وهو آخر الكتب السماوية، أنزله الله على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وتعهد سبحانه وتعالى بحفظه فقال تعالى: “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” (الحجر: 9).

لذلك فقد جعله متضمناً لخلاصة التعاليم الإلهية التي تضمنتها الكتب السابقة، ومؤيداً ومصدقاً لما جاء فيها من توحيد الله وعبادته، وجامعاً لما تفرق فيها من مكارم الأخلاق والفضائل يقول تعالى: “وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ” (المائدة:48)، ومعنى أنه مهيمن على ما سبقه من الكتب: رقيب عليها وحافظ، فهو يحكم عليها ويقر ما فيها من حق، ويبين ما طرأ عليها من تحريف وتصحيف وتغيير، وما وافقه منها فهو الحق، وما خالفه منها فهو الباطل.

_______________________________

المراجع:

  • شبكة موضوع

http://bit.ly/2uQgdwE

  • شبكة الألوكة الثقافية

http://www.alukah.net/sharia/0/75670/

[opic_orginalurl]

Similar Posts