محمد المزديوي (باريس)

مظاهرة لمسلمين بفرنسا

مسلمو فرنسا ينددون بالعنف

ما زال موضوع الإسلام لاعبا أساسيا في الساحة السياسية الفرنسية منذ الاعتداءات ضد “شارلي إيبدو”، وعاد بقوة في الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية.

وعلى الرغم من الحرب التي أطلقها رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس لتشويه سمعة حزب “الجبهة الوطنية” المتطرف، بدعوى أنه يُقسّم الفرنسيين، فإن الإسلام الذي استوطن فرنسا بقوة بعد اعتداءات “شارلي إيبدو”، لا يريد أن يغادر المشهد. حتى أن مبيعات الكتب التي تتحدث عن الإسلام عرفت ارتفاعاً مذهلاً بعد الأحداث، تماماً كما حدث بعد تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة.

ولكن عودة الإسلام إلى الحلبة السياسية لم تكن بجهد زعيمة “الجبهة الوطنية” مارين لوبين فقط، والتي لا تُكنّ وداً لهذا الدين، بل من المتشددين في حزب الرئيس السابق نيكولا ساركوزي (الاتحاد من أجل حركة شعبية).

وعاد موضوع الإسلام بقوة في الأيام الأخيرة من المعركة الانتخابية ، وخصوصاً بعد قرار عمدة مدينة “شالون سور ساون” جيل بلاتريت -وهو من حزب ساركوزي- حرمان أبناء العائلات الإسلامية من تناول اللحم المطبوخ على الطريقة الإسلامية في المطاعم التي تشرف عليها البلدية، ووضعهم أمام الأمر الواقع، ليتناولوا لحم الخنزير كزملائهم من الفرنسيين غير المسلمين. واستغل نيكولا ساركوزي الأمر وأعلن دعمه النائب اليميني، واقترح أن يقوم المسلمون الغاضبون “بتسجيل أبنائهم في مدارس خاصة، إن شاؤوا”.

ومعلوم أن الأمين العام لـ”الاتحاد من أجل حركة شعبية” لورون فوكييز، معروفٌ بأطروحاته ومواقفه المتطرفة والعنصرية. وقد أعلن ضرورة التزام “الصرامة والتشدّد” في ما يخص العلمانية.

وبات “الإسلام” و”المشاكل” التي يُثيرها، الموضوع الرئيس للكثير من الصحف، كصحيفة “لوفيغارو”، التي تصرّ بشدّة على إثارته. ومن بين هذه المواضيع التي أثيرت بقوة في هذه الحملات الانتخابية، قضية الحجاب في الجامعات الفرنسية، إضافة إلى تقديم لحم الخنزير في الوجبات المدرسية.

وفيما يخص الموضوع الأول بدأت أصوات من اليمين واليسار، تُطالب بحظره كما هو الشأن في المدارس والثانويات الرسمية، وهو ما ترى فيه الجمعيات الإسلامية “مجزرة إسلاموفوبية ثانية” قد تدفع بالآلاف من الفتيات المسلمات إلى الخروج من النظام التعليمي الفرنسي. وإذا كانت شخصيات مرموقة مثل رئيس الوزراء السابق آلان جوبيه ترفض حظر الحجاب في الجامعة، فإن المقلق هو أن تتزعم وزيرة اشتراكية هي باسكال بواستارد، هذه الحملة الإقصائية، والتي هبّت لنجدتها فيها المتحدثة باسم الحزب الاشتراكي جولييت مياديل، على الرغم من موقف فالس الرافض للحظر، ظاهرياً على الأقل.

أما تقديم وجبة لحم الخنزير، حصرياً ومن دون أي طبق آخر، في المطاعم المدرسية، فإن وزيرة التربية الوطنية نجاة فالو بلقاسم -التي لم تتوقف منذ أحداث “شارلي إيبدو” عن الدفاع عن مواقف الجمهورية- رأت فيها موقفاً ديماغوجياً و”صيغة لحرمان بعض الأطفال من ولوج المطاعم”.

وقد جرّ هذا الموقف هجمات عنيفة من مختلف توجّهات اليمين الفرنسي، وهو ثالث تحدٍ لبلقاسم بعد تحدّي توليها أمور وزارة كبيرة في فرنسا، لم يكن اليمين يرى فيها الشخص المناسب، والثاني بعد رفضها مرسوم الوزير اليميني السابق لوك شاتيل الذي ينصّ على حرمان الأمهات المحجبات من مرافقة أبنائهن في رحلات مدرسية خارج المدرسة، وها هي تدفع ثمن رفضها لفرض وجبة الخنزير على أطفال منحدرين من عائلات مسلمة. ووصلت الهجمات الجارحة إلى درجة التشكيك في ولائها للجمهورية الفرنسية بسبب أصولها المغربية.

وقد جاء الهجوم الإرهابي على متحف في العاصمة التونسية ليُقحَم في الحملة الانتخابية الفرنسية، إذ كل شيء صالحٌ في المعركة، التي وجدت صداها خصوصاً في تصريحات ومواقف لوبين، التي لا تفوت فرصة للنيل من المسلمين والمهاجرين، ولانتقاد الإدماج الفاشل للمهاجرين في المجتمع الفرنسي. وهو موقفٌ يشاطرها إياه، رئيس مجلس الشيوخ جيرارد لارشي، الذي يستعد لتقديم تقريره عن “الالتزام الجمهوري والانتماء للأمة” قريباً، للرئيس فرانسوا هولاند، حين اعترف أن “قدرة فرنسا على الإدماج وصلت حدَّ الإشباع”.

ولا شك في أن الإسلام سيكون حاضراً أيضاً عشية الانتخابات المناطقية، يوم 21 مارس/آذار، أثناء التظاهرة الكبرى “معاً ضد العنصريات والفاشية” التي ستشهدها باريس بمناسبة “اليوم العالمي ضد العنصرية”.

—–

* المصدر: العربي الجديد.

[ica_orginalurl]

Similar Posts