رغم أن المسيح -عليه السلام،- يقول: 

“1كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ. 2 فَأَمْدَحُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ عَلَى أَنَّكُمْ تَذْكُرُونَنِي فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَتَحْفَظُونَ التَّعَالِيمَ كَمَا سَلَّمْتُهَا إِلَيْكُمْ.” (رسالة كورنثوس الأولى،11: 1-2)

إلا أننا نجد أن المسيحية قد تأثرت فى أعيادها بكثير من الطقوس الوثنية الرومانية أو غيرها من الثقافات. وبرزت اوجه هذا التأثر فى التشابه فى طقوس تلك الأعياد وتوقيتها.

أسباب التأثر:

أما عن أسباب ذلك التأثر فقد تعددت فمن مرجع ذلك التأثر للحملة الترويجية والدعائية والتبشيرية التى قادتها الكنيسة للترويج للمسيحية بين أرباب الديانات الأخرى -يؤيد ذلك عمليات التبشير المعاصرة التى يقوم بها الرهبان فى الأوساط الأفريقية حيث لمسنا تنازلات عدة من جانب الرهبان عن كثير من الشرائع المسيحية كحظر تعدد الزوجات وغيرها نظير التبشير المسيحى وانتشار المسيحية هناك-.  

ومنهم من أرجع ذلك للضغوط السلطوية التى مورست على الكنيسة من أباطرة الرومان الذين جلبوا تلك الطقوس إلى المسيحية، ومن مرجع ذلك إلى الضغوط الشعبية التى واجهتها الكنائس من قبل الشعوب المرحبة بتلك الطقوس لشهرتها وذيوعها وتجذرها فى تلك البلاد لأمد طويل. وها هي بعض من تلك الأعياد التى تأثرت بها الكنيسة بالأديان الوثنية:

  • الكريسماس

وهذا العيد لا أصل له من الكتاب المقدس فهو بدعة كنسية وثنية محضة ولا يعرف المسيح عنه شيئا، ولا تتفق الكنائس على موعد واحد لتحديد ميلاد المسيح أحد من أتباع المسيحية يقول الأسقف بارنز: “غالبًا لا يوجد أساس للعقيدة القائلة بأن يوم الخامس والعشرين من ديسمبر كان بالفعل ميلاد المسيح، وإذا ما كان في مقدورنا أن نضع موضع الإيمان قصة لوقا عن الميلاد مع ترقب الرعاة بالليل في الحقول قريبًا من بيت لحم؛ فإن ميلاد المسيح لم يكن ليحدث في الشتاء حينما تنخفض درجة الحرارة ليلًا، وتغطي الثلوج تلال أرض اليهودية، ويبدو أن عيد ميلادنا قد اتفق عليه بعد جدل كثير، ومناقشات طويلة حوالي عام 300 بعد الميلاد”.

وقد تأثرت المسيحية فى هذا العيد بفكرة إله الشمس المتأصلة لدى الشعوب الغربية قديما فجعلت الاحتفال به فى كانون الأول (ديسمبر) 25، ففى صحيفة لوسِّرڤاتوري رومانو ‏،‏ الصادرة عن الفاتيكان،‏ نجد أنها تصرح ببدعية ووثنية هذا الاحتفال قريب من ذلك:

“وقد كان هذا التاريخ مكرّسا لإله الشمس في روما الوثني،‏ فرغم ان المسيحية صارت دينا معترفا به في روما بموجب مرسوم اصدره قسطنطين،‏ كانت اسطورة إله الشمس لا تزال منتشرة،‏ وخصوصا بين الجنود.‏ وكانت الاحتفالات الوثنية المذكورة آنفا،‏ التي أُقيمت في ٢٥ كانون الاول (‏ديسمبر)‏،‏ متأصلة في التقاليد الشعبية.‏ نتيجة لذلك،‏ نشأت لدى كنيسة روما فكرة اضفاء مغزى ديني مسيحي على هذا اليوم باستبدال إله الشمس بشمس البر الحقيقية،‏ يسوع المسيح،‏ وباختيار ذلك اليوم تاريخا للاحتفال بمولده».‏

واتصلت بهذا العيد أيضا طقوس وثنية تمجها العقول السليمة وتأباها الفطر القويمة، يقول صاحب كتاب الأصول الوثنية للمسيحية: “ففي جنوب فرنسا مثلًا يقوم أهالي البروفانس بوضع صحون أمام مهد الطفل المحتفل به، يملؤونها بالقمح أو العدس، وذلك قبل عيد الميلاد بثلاثة أسابيع ويروى القمح أو العدس بغزارة من أجل أن تظهر أوراقها قبل عيد الميلاد، ولا شك في أننا لا نستطيع أن نفسر هذه الظاهرة تفسيرًا مسيحيًّا فهي بقية من بقايا عبادة الإله أدونيس إله الخصب والزراعة، وما زالت هذه الشعائر تقام بصورة بريئة من غير أن يعرف المحتفلون بها أصولها الوثنية، ولقد كان عباد أدونيس فعلًا يزرعون أمام صنمه حبوب القمح ويروونها لتنمو بسرعة”.

وما قيل عن  تلك الطقوس يمكن أن يقال عن الخطبة التى تقترن بهذا العيد فلا أصل لها من تعاليم المسيح. يقول صاحب الأصول الوثنية للمسيحية أيضا: “أما خطبة الميلاد التي ما تزال تقليدًا منتشرًا في أنحاء العالم المسيحي، فهي أيضًا من بقايا الوثنية، إنها بقايا العيد الوثني الذي كان يحتفل به في الخامس والعشرين من ديسمبر والمقصود من هذا الاحتفال الذي كان يتم خلاله إشعال الحطب، هو مساعدة الشمس على أن تستعيد نشاطها الناري وتستكمل مسيرتها السماوية”.

ويقول عن شجرة عيد الميلاد “فإننا نجد لها جذورًا عند الوثنيين؛ إذ كانوا يسمونها شجرة الحياة ويعلقون عليها الذهب والفضة وصور وتماثيل الحيوانات، وكذلك يزينونها بالشرائط والزهور، ثم يوقدون العديد من الشموع ويحيطونها بها، ويرقصون حول الشجرة احتفالًا بالعيد وخلال الرقص يتركون الشموع تحترق إلى الفجر فمن هنا جاءت عادة شجرة “نويل” التي يقدسها المسيحيين في هذا العيد”.

  • عيد الغطاس

هو ضرب من الأعياد الوثنية وهو عيد الظهور الإلهى حيث يحتفل المسيحيون بمعمودية عيسى على يد يوحنا المعمدان ويحتفل به فى السادس من يناير كل عام حسب الكنيسة الشرقية .

إن غاية ما وجد فى الأناجيل هو معمودية عيسى: 

“فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ اللهِ نَازِلًا مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِيًا عَلَيْهِ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلًا: « هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ». (متى 16:3-17)”.

ولا نجد فى الأناجيل تأصيلا من قريب ولا بعيد لهذا العيد الوثنى الذى تظهر فيه الثقافات الواردة إلى المسيحية جليا!

  • أحد الشعانين

وهو بمثابة مقدمة لاحتفالات موت المسيح وقيامته.

  • عيد القيامة/عيد الفصح/أحد القيامة:

يعد عيد القيامة أعظم أعياد المسيحية، وهو من الأعياد الوثنية حيث تأثرت المسيحية في التأصيل له به بعيد أدونيس أو تموز: في سوريا المعروف بالمخلص المولود من عذراء، و قد عانى الموت ليفدي البشرية، لكنه قام منه في الربيع. و يحتفل عابدوه بقيامته سنوياً في مهرجان كبير. وكذا قيامة أوزوريس لدى المصريين القدماء  وانتقال ذلك إلى المسيحية وكذا ميثراس أو ميثرا: في فارس حيث يتوافق الاحتفال به مع الخامس والعشرين من ديسمبر كما تحتفل الكنيسة الغربية بالميلاد في الموعد نفسه.

ومن الطقوس البدعية فيه حمل الأغصان وحرقها فى أعياد القيامة وقد أرجع البعض ذلك إلى عادة قديمة شعوب أثينا كما نبه على هذه العادة الوثنية الأب لاغرانج. وتشبه طقوس الاحتفال بموت المسيح كثيرا من احتفالات موت الإله أدونيس.

وعيد الفصح قد اختير في هذا التوقيت لأنه يوافق الاعتدال في تقويم جوليان كمت ما هو إلا احتفال بربة النور والربيع بعد الاعتدال الربيعي للشمس (أي بدء فصل الربيع) في مصر و أيرلندا ويشترك المسحيون بالطقس نفسه في توزيع البيض عند الاحتفال بقيامة المسيح مع طقوس وثنية اخرى.


المراجع

  • محمد علي البار،العهد الجديد والعقائد النصرانية، دار القلم، دمشق.
  • مصدر الأصول الوثنية للمسيحية، أندرين نايتون وكار يويتفاف يونج وترجمة سميرة عز الدين.
  • الأسقف بارنز، ظهور المسيحية، منشورات النور، لبنان، 1960.

-HarbertAmstrong, The Plain Truth About Christmas, 1974, Printed in the USA ,P: 15.

[opic_orginalurl]

Similar Posts