غلاف كتاب أصول التربية الحضارية في الإسلام

كتاب بتحدث عن خصائص الحضارة الإسلامية

عرض: السيد أحمد المخزنجي

تتميز التربية الحضارية في الإسلام بمجموعة من الخصائص المتميزة التي لا تتوافر لأية تربية ولا لأية حضارة، لأنها مستقاة من المنهج القرآني، ومستوحاة من خصائص الشريعة الإسلامية. إن اهتمام الأمة بالتربية الحضارية يُعلي راية القرآن خفاقةً في العالمين، فيسعد أفراد الكون بترديد الأذان بعد أن يذوقوا طعم حلاوة الإيمان.

حول هذا الموضوع يدور موضوع هذا الكتاب الذي جاء بعنوان “أصول التربية الحضارية في الإسلام” لمؤلفه الدكتور هاشم بن علي الأهدل..

يقع الكتاب في حوالي 640 صفحة من القطع المتوسط، ويضم بين دفتيه تسعة فصول تتضمن خطة الدراسة، وتناقش عدة موضوعات رئيسية منها: طبيعة بناء الحضارة والتربية الحضارية وأهميتها، أهداف التربية الحضارية في الإسلام، أسس التربية الحضارية في الإسلام، ميادين التربية الحضارية في الإسلام، أساليب التربية الحضارية في الإسلام، دور المؤسسات التربوية في التربية الحضارية، وضوابط ومعايير التربية الحضارية.. ثم يعرض الكتاب لأهم النتائج والتوصيات، بالإضافة إلى الفهارس الثلاثة الملحقة والتي شملت: الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة، والمراجع.

موضوعات الكتاب

الفصل الأول، ويتضمن تمهيدًا، وتساؤلات الدراسة وأهداف الدراسة وأهميتها، ومصطلحاتها، ثم الدراسات السابقة، ومنهج الدراسة وإجراءاتها.

والفصل الثاني، يعرض فيه لأهمية التربية الحضارية من خلال استخدام مصطلح الحضارة وعناصرها، ودور التربية الإسلامية في بناء الحضارة الإسلامية، أما الفصل الثالث فيعرض فيه المؤلف للأهداف التربوية في الحضارات المختلفة، ويتناول أيضا الفصل الثالث أهداف التربية الحضارية في الإسلام، والتي يحددها في ستة أهداف هي: بناء أجيال قادرة على مواجهة الغزو الحضاري وأخطار العولمة، وتعريفها ومجالاتها، وآثارها الحضارية، ثم أهم الوسائل والخطط لمواجهة الغزو الحضاري والعولمة، وكذلك: بناء أجيال قادرة على تحقيق الحاجات الحضارية للأمة وأساليب تحقيق ذلك، وبناء أجيال قادرة على رفع وإعلاء مكانة حضارة الأمة الإسلامية، وأساليب التربية على خصائص الأمة، وبناء الأجيال للاقتداء بالنموذج الحضاري الإسلامي وأساليب التربية في تحقيق ذلك، والمعالم التربوية في رسالة خاتم الأنبياء محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأيضًا: بناء أجيال مسلمة قادرة على نشر الرسالة الحضارية الإسلامية، من خلال: تبصير الأجيال بالمقومات العالمية للرسالة الإسلامية الحضارية، واستخدام الحوافز المادية والمعنوية لنشر الرسالة الإسلامية الحضارية، ثم هدف بناء أجيال مسلمة قادرة على صناعة حضارة إسلامية متفوقة.

وفي الفصل الرابع يعرض المؤلف لأسس التربية الحضارية في الإسلام، من خلال ستة أسس رئيسية هي: العقدية، التعبدية، التشريعية العلمية، الأخلاقية، النفسية، مبينًا الآثار التربوية الحضارية لكل أساس منها هناك.

أما الفصل الخامس فيتناول فيه المؤلف ميادين التربية الحضارية في الإسلام، الأول ويتمثل في: الميادين المادية والاقتصادية، والعسكرية، والتقنية، والصحية والطبية، والعمرانية، والثاني: الميادين المعنوية، وذلك من خلال دور التربية الحضارية في الميادين الاعتقادية والروحية والأخلاقية، والأدبية والفنية. والقسم الثالث: الميادين التنظيمية والتشريعية، ويعرض فيه المؤلف لدور التربية الحضارية في الميادين التشريعية والإدارية والسياسية والاجتماعية.

وأما الفصل السادس فيتناول فيه المؤلف أساليب التربية الحضارية في الإسلام من خلال تسعة أساليب هي: تربية الأجيال المسلمة على التعامل مع التقنية المتقدمة، والتربية المهنية والفنية، الإبداعية والابتكارية، والاستفادة من التراث الحضاري للأمة المسلمة، والتربية على الانفتاح المنضبط على الخبرات الحضارية الأخرى، وتربية الأجيال المسلمة على روح التعاون الفعَّال، وتسخير الكفاءات المسلمة لبناء الحضارة الإسلامية المتقدمة، والتربية الحضارية المستمرة للأجيال المسلمة عبر المراحل المختلفة، وتربية الأجيال على التضحية وإيجاد الدافعية كبناء الحضارة الإسلامية.

والفصل السابع يعرض فيه المؤلف لدور المؤسسات التربوية في التربية الحضارية، من خلال دور الأسرة في التربية الحضارية ودور المسجد في التربية الحضارية، ودور المدارس والجامعات في التربية الحضارية ودور الإعلام في التربية الحضارية، ودور المجتمع في التربية الحضارية. أما الفصل الثامن فيتناول فيه المؤلف ضوابط ومعايير التربية الحضارية، من خلال تحديد المصطلحات وبيان ضوابط التربية الحضارية من وجهة نظر المؤلف.

ويوضح المؤلف في حديثه عن دور التربية الإسلامية في بناء الحضارة الإسلامية أن منهج التربية الإسلامية منبثق من كتاب الله عز وجل وسنَّة نبيّه محمد  -صلى الله عليه وسلم-، ومفردات هذا المنهج الحضاري تتألف من جزءين: الأول هو: تعاليم الإسلام وشعائره وأحكامه، والثاني: هو التطبيق العملي لذلك المنهج الحضاري ومضمونه الذي يتمثل في أفعال الرسول  -صلى الله عليه وسلم-  وتقريراته، ويضاف إليه فهم السلف الصالح الذين ساروا على هدى معلِّم الحضارة الأول محمد  -صلى الله عليه وسلم-، وقد كون السلف رضوان الله عليهم تراثًا ضخمًا، وتاريخًا زاخرًا بالثروات العلمية، والمنجزات الحضارية، الأمر الذي يحتم على الأمة أن تستفيد منه في طريق نهضتها، وقيامها من كبوتها. ومما يدعم ضرورة هذه الاستفادة أن هذه الحضارة امتازت بتربية أفرادها على عدم الفصل بين الجانب المادي والمعنوي، وهذه الميزة تفتقدها الحضارات الغابرة والمعاصرة.

كما تمتاز بأنها تولي القيم والأخلاق عنايةً كبيرة، وتهتم بها أيما اهتمام. ويؤكد هذا الجانب أن الأمة بمجموع أفرادها كانت تتربى على القيم والأخلاق نظريًا وعمليًا، من خلال الوازع السلطاني، والوازع القرآني، واللذيْن أكدا الالتزام بالكتاب والسنة. بينما يرى المتأمل في حال الحضارات الغابرة أنها ما دمرت، ولم تضمحل إلا بسبب التهاون في هذا الجانب أو إهماله. وبناء الحضارة يتطلب التركيز على التربية الأخلاقية لأن في ذلك ضمانًا -بإذن الله- لبقاء الحضارة، وتمددها، وفعاليتها.

شمولية الحضارة الإسلامية وعالميتها

وتتصف الحضارة الإسلامية أيضًا بأنها شاملة، وميدانها جميع مناشط الحياة، فتربى المسلمون فيها على العمل بتوازن دقيق بحيث لا يطغى جانب على آخر. فلا يطغى جانب الجسد على الروح، ولا العقل على الجسد، وهذا التوازن مما هو مظنة سمو الحضارة من جميع جوانبها «وشمولية الحضارة الإسلامية تجمع بين الجانبين الروحي والمادي، ففي الأول يتضح منهج القيم الموجهة للسلوك في إطار المفهوم الصحيح للعقيدة الإسلامية، وفي الثانية تتضح معالم الإنجاز الحضاري، وفاءً بمهام الخلافة وكافة الأنشطة والممارسات التي تفكر وتبدع وتبتكر لاستثمار خيرات الكون، والحرص على تعمير الكون، وتقديم الخير للآخرين بما يكفل سعادتهم».

ويذكر المؤلف أنه مما يدل على عظمة تلك الحضارة تغلغلها في جميع دول العالم في ذلك الوقت، وفي تلك الفترة الزمنية التي مكثتها والتي تزيد على عشرة قرون. ومما يدل على عظمتها أيضًا ذلك الكم الهائل من العلماء والمفكرين الذين أخرجتهم، واعتمدت عليهم في بناء الحضارة. وأكثر من ذلك هو تلك المؤلفات الضخمة التي أفرزها العقل المسلم في تلك الفترة. وحسبنا أن نشير إلى أن بعض أولئك العلماء ألّف المئات وليس العشرات من الكتب في شتى مجالات العلوم. ومن هؤلاء البيروني وابن تيمية والغزالي وأبو الوفاء بن عقيل وابن الجوزي وغيرهم.

خصائص التربية الحضارية في الإسلام

ويستخلص المؤلف كذلك أهمية التربية الحضارية للأجيال المسلمة من جملة خصائص لها تتمثل في ستة أمور هي:

أ- أنها تبني حضارة ربانية مؤمنة.

ب- أنها تبني حضارة أخلاقية خيِّرة.

ج- أنها تبني حضارة متكاملة متوازنة متناسقة بين عناصرها.

د- أنها تبني حضارة متفوقة ومسعدة للبشرية.

هـ- أنها تبني حضارة إنسانية عالمية.

و- أنها تهتم بالتقدم في الكشف عن أسرار الطبيعة البشرية ومكونات النفس أكثر مما تهتم بالتقدم في الكشف عن أسرار الطبيعة المادية.

ومن أهم التوصيات التي ختم بها المؤلف كتابه توصيتان، وهما: إنشاء مركز خاص ببحوث الحضارة في الجامعات، وفي وزارات التربية والتعليم في العالم الإسلامي، وإقرار مادة بعنوان التربية الحضارية في الجامعات الإسلامية، وتكون مفردات هذه المادة مستقاة من فصول هذه الرسالة دراسةً وتطبيقًا.

 ______________________________

المصدر: مجلة الوعي الإسلامي (بتصرف).

[ica_orginalurl]

Similar Posts