المجيد

المجد لله وحده، أما السيد المسيح، فهو عبد لله ليس له مجد ذاتي، وإنما الله هو الذي يمجده ويعطيه المجد

من أسماء الله وصفاته “المجيد” و”الماجد”، فمما لا شك فيه أن إله هذا الكون متصف بأنه “المجيد” و”الماجد”، فله سبحانه وتعالى كل مجد، فهو الخالق العظيم، فلا يستمد مجده من غيره ولكن يستمده من ذاته الإلهية.

المجيد (الماجد) في الإسلام

يوصف الإله في الإسلام بـ”المجيد”. ففي القرآن الكريم، نقرأ على سبيل المثال:

قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (هود 73:11)

كما نقرأ أيضا:

إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ. إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ. وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ. ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ. فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (البروج 85 :12-16)

ولقد وصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم الله تعالى في الحديث الشريف بأنه “المجيد”، كما قرن النبي هذا الوصف بالصلاة والسلام عليه في التشهد وغيره. فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال ألا أهدي لك هدية إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج علينا فقلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال فقولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد (رواه البخاري)

كما يصف الله عز وجل نفسه في الحديث القدسي بأنه “الماجد”. فقد ورد عند أحمد والترمذي من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما رواه عن رب العزة: “ذَلِكَ بِأَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُ، عَطَائِي كَلَامٌ وَعَذَابِي كَلَامٌ إِنَّمَا أَمْرِي لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْتُهُ أَنْ أَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ”.

المجيد (الماجد) في المسيحية

يذكر الكتاب المقدس في عهده الجديد على لسان السيد المسيح عند تعليمه حوارييه كيفية الصلاة لله (المسمى بـ”الآب”) أن المجد لله إلى الأبد. فنحن نقرأ: “فَصَلُّوا أَنْتُمْ هكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ. خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ. وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا. وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ، وَالْقُوَّةَ، وَالْمَجْدَ، إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ” (متى 9:6-13)

وينسب الكتاب المقدس مجد السيد المسيح إلى الله عز وجل. فنحن نقرأ: “فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ” (متى 27:16)

وفي أكثر من موضع، ينقل الكتاب المقدس عن السيد المسيح قوله أن الله هو الذي يعطي المجد له وهو الذي يمجده. فنحن نقرأ: “أَجَابَ يَسُوعُ: ‘إِنْ كُنْتُ أُمَجِّدُ نَفْسِي فَلَيْسَ مَجْدِي شَيْئًا. أَبِي هُوَ الَّذِي يُمَجِّدُنِي’” (يوحنا 54:8)

كما نقرأ أيضا: “وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي، وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي. أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ”. (يوحنا 17 :22-24)

وعلاوة على ذلك، يخبرنا العهد الجديد في سفر أعمال الرسل أن السيد المسيح كان عبدا لله ولكن الله مجّده بمجد من عنده. فنحن نقرأ: “إِنَّ إِلهَ إِبراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب، إِلهَ آبائِنا، قد مَجَّدَ عَبدَه يسوع الَّذي أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس، وكانَ قد عَزَمَ على تَخلِيَةِ سَبيلِه” (أعمال الرسل 13:3)

ومما سبق، يتبين أن المجد لله تعالى وحده، وهو يعطيه لمن يشاء ويمجد من يشاء. أما السيد المسيح، فهو عبد لله ليس له مجد ذاتي، وإنما الله تعالى هو الذي يمجده ويعطيه المجد. ومن ثم، فالسيد المسيح ليس إلها، لأن مجد الإله مجد ذاتي، أما مجد السيد المسيح، فهو مجد مستمد من الله تعالى.

_________

المراجع:

1- القرآن الكريم

2- صحيح البخاري

3- الكتاب المقدس

4- موقع “albishara.org”

[ica_orginalurl]

Similar Posts