سعيد بن محمد آل ثابت

التربية الإيمانية

تحتاج العملية التربوية لتوازن بين أركانها

المقصود بالأسس: أي الأصول الثابتة التي يبنى عليها منهج التربية الإيمانية، فلا تقوم التربية الإيمانية بغير هذه الأسس، وينحرف سيرها إذا فقدت إحداها. وعلى القائمين بالعملية التربوية الإيمانية الاهتمام بهذه الأسس قبل أي شيء آخر، والتأكد من تثبيتها في قلب كل متربٍ ومتعلم، ولقد كان من أهم أسباب الخلل الحادث في المناهج التربوية إهمال أحد الجوانب الأربعة التي سنذكرها، وهي:

أولا- العقيدة

هي الأساس الذي ينبني عليه المنهج التربوي لتطهير القلب، وتزكية النفس، وهي خطوة البداية وخطوة الوسط وخطوة النهاية، ومن مفاهيم العقيدة: معرفة الله حق المعرفة، ترجمة معنى لا إله إلا الله، معرفة مداخل الشرك والنفاق إلى القلب، البعد عن اتجاهات الإلحاد والعلمانية والأفكار الضالة، وكذلك تأصيل عقيدة الولاء والبراء، وضبط سلوكيات النفس على ما جاء به الشرع المطهر في أعمال القلوب وطريقة صرفها، ومن ثم ما يعتقده المؤمن تجاه خالقه، ومن هذه المفارق يظهر لنا بعض المسوغات لذوي الحَور – والعياذ بالله – وهو جهلهم بأصل العمل.

 ثانيا- العلم

والمقصود بالعلم هنا العلم الشرعي (علم الكتابة والسنة)، إذا العامل وجد منهجًا علميًا واضحًا بينًا متكاملًا قل خطؤه، وعظم فقهه، وتوسعت مداركه ويسعه ماوسع النبي – صلى الله عليه وسلم – وصحبه، فهو يُدرك أهمية الشرائع، ويعرف مقتضاها، ويعمل بما تعلم، ويفهم الأحكام والنوازل. قال جل من قائل: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]، وقال سبحانه: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9]، وقال- عليه الصلاة والسلام -: “إن الله سبحانه وملائكته وأهل سماواته وأرضه حتى النملة في جحرها والحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير”. صححه الألباني في صحيح الجامع. قال معاذ بن جبل – رضي الله عنه -: “تعلموا العلم، فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة..”.

ثالثا- العبادة

وهي الأساس الثالث، ذلك إنها هي التطبيق العملي لجميع المعلومات النظرية التي يتلقاها القلب والعقل، ولا طريق للتطبيق العملي غيرها؛ فإما أن يعمل العبد بما علم فيحسن عمله فتقبل منه عبادته ويرقى في مقامه عند ربه، وإما ألا يعمل بما علم أو يعمل فيسيء عمله فلا تقبل منه أعماله فيسقط عند ربه. ولعظم هذا الأساس سيكون له نصيب الأسد في هذا المبحث.

 رابعا- الذكر

والذكر هو أساس عظيم إذ يستوي فيه جميع الناس من حيث القدرة، ولذا نرى عظم توافر الأمر بالندب له في الكتاب والسنة، وشدة ملاصقته لحياة المؤمن في يومه وليلته. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب: 41، 42]، وقال عليه الصلاة والسلام: “مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت”. رواه البخاري، والذكر من أجل الأعمال وأعظمها عند الله تُختم به الأعمال الصالحة، وتُحسن به المجالس، ويُفتتح يوم العبد به ويختتمه عليه، ويكون حفظًا وحرزًا من كل مكروه ومشين، ويقرب العبد من ربه؛ إذ اشتملت السنة على أوراد كثيرة في جميع وقائع الحياة، وبالذكر يجد المؤمن الملجأ والمأوى إذا ادلهمت الأمور وضاقت به الهموم، فيستجمع الإنسان قوته النفسية من روح الذكر فيُعطى ما وعده الله المؤمنين، ولكن لينتبه من الأوراد الضعيفة التي لا تصح، وأن يبتدع شيئًا يلتزم به فالتشبث بها يزيد العبد وهنًا وضعفًا، وفي الصحيح غنىً عن ذلك كله، ولله الحمد والمنة.

_______

* المصدر: موقع الألوكة.

[ica_orginalurl]

Similar Posts